دى فى/ مصر غارقة في تفاصيل وتطورات واقعة "تعذيب وسحل المواطن حمادة صابر". وفي حين رفض هذا المواطن في مقابلة تلفزيونية اتهام الشرطة بتعذيبه، فإن المعارضة والعديد من منظمات المجتمع المدني تحمل وزارة الداخلية المسؤولية عما حدث.
أظهر البث الحي لشريط فيديو تعرية المواطن حمادة صابر وسحله وتعذيبه على يد قوات الشرطة المصرية في محيط القصر الذي يسكنه الرئيس المصري محمد مرسي. وكان من تطورات حكاية حمادة المطالبة بإسقاط "النظام الاستبدادي"، حسبما جاء في بيان جبهة الإنقاذ التكتل المعارض الأبرز الآن في مصر، صباح اليوم التالي، بينما يبدو أن الصراع السياسي على الأرض قد تجاوز تماماً وثيقة الأزهر لنبذ العنف.
الجميع يتابع حكاية "المسحول" والأنفاس معلقة بالمشاجرات بين أفراد عائلته بالمكالمات الحيّة على برامج التوك شو المصرية، وهكذا أصبحت حادثة السحل وتداعيتها، الحقيقة التي شاهدها الجميع والروايات المتناحرة الساعية لمحو المشهد المؤلم هي المعبر الأبرز عن حالة الانقسام السياسي التي تشهدها البلاد في الذكرى الثانية لثورتها.
تغيير الأقوال أمر متوقع
في المشهد الذي شاهده جميع المصريين حيّاً يظهر عامل البناء البسيط عارياً، وهو ملقى على الأرض بالقرب من إحدى مدرعات الشرطة مُحاطاً بمجموعة من رجال الأمن وهم يضربونه، ثم يجرونه من قدمه وهو ملقى على الأرض وقد تم تجريده من كامل ملابسه. ويتعرض حمادة، 48 عاماً، في المشهد لضربات على وجهه من رجال شرطة وكذلك يوجه أحدهم هراوة لرأسه.
وبالرغم من هذه المشاهد فقد ظهر حمادة صابر في التلفزيون المصري الرسمي ليلقي باللائمة في الواقعة على المتظاهرين. وتحدث صابر للتلفزيون المصري أمس وهو يرقد على فراشه في مستشفى الشرطة ليقدم روايته لما حدث له ملقياً باللوم على متظاهرين في تجريده من ملابسه وسرقته.
وهو موقف شبيه بسلوك السلطة أيام مبارك حيث كانت تذيع صوراً وتسجيلات اعترافات تبرئ ساحة الشرطة، وهو أسلوب معتاد للسلطة حيث سبق أيضا أن قدم المجلس العسكري لقطات للمعترفين بارتكاب أحداث مجلس الوزراء، في ديسمبر 2011 بينما كانت تسمع في الخلفية أصوات آلام المحبوسين مما يؤكد على تعرضهم للتعذيب، ويبدو أن الشرطة المصرية لا تزال تحكمها نفس العقيدة رغم قيام ثورة يناير للقضاء على الدولة الأمنية، نفس السياسات ونفس الكذب.
اعتذار يتبعه نفي
عقب الحادث تقدم وزير الداخلية محمد إبراهيم باعتذار، كما وعد بإجراء تحقيق في الواقعة، لكن الداخلية غيرت موقفها بعد الاعتذار، حيث أعلنت أن عملية التعرية كانت من جانب المتظاهرين، وأن الشرطة اقتصر دورها على حماية حمادة وإنقاذه من أيدي الثوار"، اللافت أن حمادة صابر أكد بعدها تفسير الداخلية للأحداث ، وهذا التحول المفاجئ يعيد للأذهان قصة "خالد سعيد"، أيقونة الثورة المصرية الذي لقي حتفه على يد الشرطة المصرية في يونيو 2010، حينما صرحت الداخلية بأنه كان مدمناً للمخدرات وأنه قد قام بالتهام لفافة تحتوي على مخدر البانجو، ولم يمت جراء تعذيبه وضربه أمام أحدى مقاهي الإنترنت بالإسكندرية".
اعترافات رهينة
ويوضح المحامى محمد عبد العزيز أن هناك ضغوط تمت ممارستها على "حمادة صابر" وزوجته لطمس الواقعة وتبرئة ساحة الشرطة حيث أجرت مكالمة هاتفية مع إحدى القنوات الفضائية ليلة السبت وكان إلى جوارها مساعد وزير الداخلية لحقوق الإنسان، أي أنها كانت بمثابة رهينة، ولا تزال هذه الأسرة تتعرض للكثير من الضغوط" بينما كذّب ابن عم الضحية، أقوال "صابر" بأنه ضحية المتظاهرين.
اعتراف كاذب
وتحدث كثيرون على شاشات التليفزيون وعلى صفحات مواقع التواصل الاجتماعى بأن الاعتراف لن يغير ما شاهده المصريون بأعينهم على الهواء مباشرة، وليقولوا ما يريدون، الناس لها عيون، ولن يصدقهم أحد".
التغير بين جيلين
كما كشفت مواجهة هاتفية بين حمادة وابنته "رندا" بثتها فضائية "أوربت" عما وصفه أحد المدونين بالتغير الحادث بين جيلين يعيشان في مصر الآن، جيل حمادة الذى اعتاد الخوف، وجيل "رندا" الذى يعرف أن الخوف لن يفيد، وأن عدم السكوت هو الذي سيعيد لوالدها كرامته، وتقول رندا لوالدها فى المكالمة "قل الحقيقة الناس كلها معك". لكن يبدو أن حمادة لم يفهم بعد رسالة ابنته