الأربعاء، 1 أبريل 2015

الولايات المتحدة تلغي تجميد توريد السلاح لمصر

ألغت الولايات المتحدة الأمريكية تجميد توريد الأسلحة إلى مصر الذي فرضته الإدارة الأمريكية منذ أكتوبر 2013 عقب الإطاحة بحكم الإخوان، والذي تقدر قيمته بنحو 1.3 مليار دولار سنويا.
ويشمل إلغاء الحظر الطائرات المقاتلة من طراز إف 16 والصواريخ والعتاد البحري. وجاء التحول في السياسة الأمريكية على لسان الرئيس الأمريكي باراك أوباما حيث أعلن البيت الأبيض أن الرئيس الأمريكي قد أبلغ الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في اتصال هاتفي بأن إدارته قد اتخدت قرارا برفع الحظر عن توريد السلاح الأمريكي إلى مصر بالكامل بما في ذلك الطائرات الحربية. وأشار بيان للبيت الأبيض إلى أن القرار الأمريكي الجديد أتى تعبيرا عن التقاء المصالح الاستراتيجية بين مصر والولايات المتحدة وأنه يصب في مصلحة البلدين ويهدف إلى حماية الأمن القومي لمصر والولايات المتحدة.

وربما شكل الحظر الأمريكي على توريد السلاح فائدة غير مباشرة لمصر التي سعت خلال فترة الحظر إلى تنويع مصادر سلاحها وأبرمت عدة اتفاقيات للتسلح مع دول أخرى مثل فرنسا وروسيا والصين. فقد حصلت مصر من فرنسا 24 طائرة مقاتلة حديثة من طراز رافال، وكانت مصر أول دولة تحصل عليها، بالإضافة إلى قطع بحرية كبيرة لتعزيز القوات البحرية المصرية. كما حصلت مصر على أحدث المقاتلات الروسية من طراز ميج 35 ومنظومة الصواريخ إس 300، وكلاهما لأول مرة خارج حدود روسيا. وفضلا عن إسهام تلك الإمدادات متعددة الأغراض في تعزيز قوة الجيش المصري فقد أدت إلى تحجيم الإمداد العسكري الأمريكي بحيث أمكن الاستغناء عنه نسبيا. لكن الرئيس السيسي لم يتوقف عن مطالبة الأمريكان بالسلاح المستحق وفق اتفاقات سابقة بين البلدين، واشترط استئناف توريد السلاح الأمريكي، خاصة الطائرات، للانضمام إلى التحالف الغربي ضد الإرهاب في الشرق الأوسط بقيادة الولايات المتحدة، كما اشترط التعامل مع الإرهاب في سيناء وداخل مصر كجزء من الحركة الإرهابية الدولية التي تحاول التمدد ولا تعترف بالحدود.

لكن إزالة حكم جماعة الإخوان في مصر واعتبارها حركة إرهابية وداعمة للحركات الإرهابية الأخرى في المنطقة أثار غضب الإدارة الأمريكية التي كانت تعتبر الجماعة حليفا لها ودافعت عنها بكل الوسائل، حيث التقت مصلحة الطرفين في العمل على تدمير الدولة المصرية وهو هدف أمريكي معروف إزاء كل دول المنطقة، وفق مخططات أمريكية معلنة لتقسيم الشرق الأوسط. كما عمل الإخوان انطلاقا من أممية الفكر الإخواني وعدم اعترافهم بكيان الدولة، على تفكيك الدولة في مصر عبر دفع بعض القوى المحلية للاقتتال في حرب أهلية، وحل الأجهزة الأمنية واختراق جميع مؤسسات الدولة الرسمية بعناصر ثم إحلال عناصر موالية في المناصب القيادية فيما أطلق عليه "أخونة الدولة"، فضلا عن التعاون مع قوى خارجية ضد مصلحة الشعب المصري. 
وكان أخطر تحرك لجماعة الإخوان بعد الإعلان الدستوري الدكتاتوري الذي أصدره الرئيس الإخواني السابق والذي حصن فيه جميع قراراته ضد القضاء، هو محاولة الإخوان إحداث انقسام في صفوف الجيش المصري بدعوتهم إلى منح أفراد الجيش حق الانتماء السياسي إلى الأحزاب وحق التصويت في الانتخابات البرلمانية والرئاسية، بما يفقد الجيش حيدته ويحوله إلى فرق مسلحة متناحرة، مما دفع الجيش إلى التحرك لإنقاذ البلاد من حرب أهلية مؤكدة، وبناء على رغبة شعبية عارمة في رفض حكم الإخوان برمته عبر مظاهرات مليونية في 30 يونيو 2013.

بعد حوالي عام ونصف على تلك الأحداث أدركت الولايات المتحدة، متأخرا، أمرين هامين، أولهما فشل المخطط الأمريكي لهدم الدولة المصرية، وثانيهما فشل جماعة الإخوان في تنفيذ المخطط فضلا عن فشلها في الحفاظ على نفسها من الانهيار التام رسميا وشعبيا. يضاف إلى هذين الفشلين فشل لا يقل أهمية، وهو فشل الضغط الأمريكي على مصر بأي شكل. أثبتت هذه الأحداث والتطورات أن مصر دولة موحدة غير قابلة للتجزئة أو الانقسام، وأنها كذلك منذ آلاف السنين، وأن في مصر شعب واع مدرك يكشف المكائد ويصبر على الشدائد، وأنه يمتلك إرادة فولاذية لا تلين نجحت في الدفاع عن سيادتها وتغيير موازين القوى لصالحها. 

يزيد من أهمية القرار الأمريكي برفع الحظر عن توريد كافة أنواع السلاح لمصر أن هناك دولا أخرى عديدة في أوربا تدور في الفلك الأمريكي قد امتثلت للإرادة الأمريكية وفرضت حظرا مماثلا، فضلا عن تأييدها السافر للنظام المخلوع في مصر. ومن المتوقع أن تتبع تلك الدول أمريكا مرة أخرى في اتجاه عكسي، ودونما أي خجل، بتأييد النظام الجديد في مصر وإغلاق صفحة الإخوان التي أغلقتها مصر للأبد. فتلك الدول، رغم كل ما يقال عن قوتها، قد فقدت سيادتها منذ زمن بعيد، وبالتحديد منذ الحرب العالمية الثانية، وسلمت أمرها للإدارات الأمريكية المتعاقبة. 
لم تتوقف العلاقات بين القاهرة وواشنطن في أي وقت رغم كل هذا، وهناك على الجانبين أطراف هامة تدرك أهمية التعاون المصري الأمريكي، وتولت تلك الأطراف في فترة توتر العلاقات إقناع الإدارة الأمريكية بأن هناك من المصالح الاستراتيجية المشتركة ما يجعل التعاون يصب في مصلحة البلدين. وكانت وزارتي الخارجية والدفاع متفقة مع الجانب المصري ومعارضة للإدارة الأمريكية التي تستمع إلى مستشاري مجلس الأمن القومي وهو مجلس مخترق من قوى طفيلية لا تهتم بالمصالح العليا للشعب الأمريكي، بل تحاول استغلال قواه لصالحها