الأهرام/ تم الكشف عن كنز اقتصادي في سيناء، هو أحدث أسرار شبه الجزيرة، في وادي "السر والقوارير" الذي يسبح فوق دلتا تجري عكس دلتا النيل، تقع بين جبل المغارة وجبل الحلال الذي يترقب عمليات تحريره خلال ساعات. وكشفت عنه دراسة علمية بين جامعة بوسطن وجامعة الأزهر ويشرف عليها الدكتور فاروق الباز. وتقدر مساحة الوادي الجديد بنحو 330 كم مربع.
لم سيناء تنل حظها من التنمية الحقيقية واقتصرت التنمية فقط علي مدن ساحلية في الجنوب وظل الشمال يعاني قلة الموارد وسوء الأوضاع الاقتصادية، رغم أن الحقائق تقول إن شمال سيناء من أفضل المناطق التي يمكن تنميتها بشكل مستدام باستخدام مصادر المياه الجوفية المتجددة حيث تستقبل المنطقة تستقبل أعلي معدل للأمطار في مصر كلها. وبالإضافة إلى توافر المياه الجوفية تمثل منطقة شمال سيناء مكانا مثاليا لتنمية زراعية وسكانية فهي تتميز بمناخها المعتدل وتعتبر قريبة نسبيا من المدن المزدحمة بالسكان مثل العريش ومدن قناة السويس.
الفكرة الرئيسية لدراسة جديدة تتلخص في البدء في تنمية زراعية مستدامة في منطقة السر والقوارير باستخدام المياه الجوفية المتجددة و باستغلال مياه الأمطار، مستندة إلى الاستلال على المجري المندثر والبحيرات القديمة لوادي العريش والتي كانت مليئة بالماء في العصور المطيرة التي انتهي آخرها منذ 5000 سنة.
اعتمدت الدراسة علي دمج بيانات الصور الفضائية والتأكيد الحقلي بمعدات الجيوفيزياء والدراسات الميدانية، بالإضافة إلي معالجة وتفسير مجموعة بيانات صور الرادار التي أظهرت أن المجري القديم لوادي العريش كان يتدفق غرب جبل الحلال ويمر بمنطقة السر والقوارير بطول حوالي 110 كم وعرض مجراه يتراوح ما بين 500 - 3000 متر. وتم اكتشاف رسوبيات هذا النهر القديم تحت غطاء رقيق من الرمال. كما تم تحديد 3 مواقع لبحيرات قديمة تكونت في منخفضات خلف جبال خريم وطلعة البدن والحلال والتي يعتقد احتواؤها علي المياه الجوفية.
اقترحت نتائج الدراسه شق قناة بطول 2 كم وعمق 6 أمتار عند وادي أبو سوير، توصل المجري الحالي لوادي العريش بمجراه القديم. وسوف تحول هذه القناة مسار مياه السيول الموسمية الي منطقة منبسطة غرب جبل الحلال بها حولي 350 ألف فدان صالحة للاستصلاح الزراعي. وتمثل هذه المنطقة أرضا واعدة للتنمية الزراعية بما فيها من كميات كبيرة من التربة الصالحة للزراعة، كما أنها تحتوي علي مياه جوفية ذات معدل ملوحة منخفض نسبيا، وفيها توجد خزانات المياه الجوفية في الحجر الرملي علي عمق قليل.
ويساعد إعادة توجيه مسار السيول علي الحد من الآثار السلبية المدمرة للسيول علي مدينة العريش ويزيد من استغلال مياه الأمطار، مما يسهم مع النهر الجوفي في توفير حياة مستقرة لأهل المنطقة وإنشاء قري ومدن تعتمد علي الاستثمار والإنتاج الزراعي، لقطع الطريق علي التجارة المحرمة التي تتخفي وراءها مافيا التهريب وتجارة السلاح والمخدرات والتطرف. وأظهرت الأبحاث أن كمية الأمطار التي هطلت علي شمال سيناء في يناير 2010 تقدر بأكثر من 220 مليون متر مكعب من المياه وأدت إلي هدم 780 منزلا و قدرت خسائرها بحوالي 25 مليون دولار، إضافة لضياع معظم المياه العذبة في البحر. كما أن تحويل مسار السيول سوف يسهم في زيادة تغذية مياه الأمطار للخزان الجوفي والذي يؤهل ارتفاع منسوب المياه الجوفية ويساعد علي تجدد الخزان.
أوضحت الدراسة أن سد الروافعة الذي يحمي مدينة العريش حاليا لا يصلح، حيث مكان السد بعد مضيق جبل الحلال (ضيقة الحلال) يجعل من الصعب السيطرة علي السيل بعد زيادة سرعته وتركيزه، كما أن سعة التخزين القصوي للسد 5 ملايين متر مكعب، بينما تزيد السيول التي عبرت السد وأضرت بالعريش في ذلك الوقت علي أربع أضعاف هذه السعة. وتحتاج المنطقة إلى إضافة سد جنوب ضيقة الحلال للحد من مخاطر السيول ويساهم في تجديد خزان المياه الجوفية في شمال سيناء.