الاثنين، 11 مارس 2013

بريطانيا تجري استفتاء في جزر الفولكلاند لتأكيد سيادتها

تعتزم بريطانيا إجراء استفتاء فى جزر الفولكلاند الواقعة جنوب الأرجنتين، والمتنازع عليها بين الدولتين، يجيب فيه سكانها على سؤال محدد: "هل تود أن تبقى فولكلاند تحت السيادة البريطانية؟". ويتوقع البريطانيون أن يؤكد سكان الجزر تبعيتهم لبريطانيا بالإجابة بنعم على هذا السؤال، ورفض السيادة الأرجنتينية، فى الاستفتاء الذى سيجرى الأحد والاثنين القادمين. ويرون أنه بذلك قد ينتهي الصراع القائم مع الأرجنتين حول سيادة الجزر.
جزر الفولكلاند
وجزر الفوكلاند، التي تطلق عليها الأرجنتين اسم جزر "مالفيناس" عبارة عن أرخبيل من أكثر من مائتي جزيرة على بعد 500 كم من ساحل الأرجنتين، ويقطنها أقل من 2500 شخص، يحمل معظمهم الجنسية البريطانية، بينما يبلغ عدد من له حق التصويت 1672 مواطنا فقط.

أما الأرجنتين فلها رأى آخر، فهى تقول الأرجنتين إن الجزر تابعة لها، وأنه لا يمكن أن تكون الجزر الواقعة قبالة الشواطئ الأرجنتينية أراض تابعة لبريطانيا التى تبعد عنها آلاف الأميال، وحتى إذا كان الأمر متعلقا باكتشافات تاريخية فإن عصر الاستعمار قد ولى ولا بد أن تعود الجزر إلى الأرض الأم أى الأرجنتين. وعلقت السفارة الأرجنتينية في لندن بالقول إن "الاستفتاء فاقد للشرعية، وما هو إلا محاولة أخرى من قبل البريطانيين للتلاعب في مصير جزر مالفيناس."
وحاولت الأرجنتين الاستيلاء على الجزر بالقوة العسكرية فى 2 أبريل عام 1982 لكن المحاولة فشلت عندما قررت بريطانيا دخول حرب مع الأرجنتين من أجل الجزر المتنازع عليها. وتمكنت بالفعل من استردادها في 14 يونيو من نفس العام بعملية بحرية وجوية، راح ضحيتها 649 جندي أرجنتيني و255 جندي بريطاني.
المسافة بين بريطانيا والفولكلاند
البترول يستحق المخاطرة 
ويرجع تمسك بريطانيا فى التمسك بالجزر إلى سببين رئيسيين، أولهما ادعاء ملكيتها للجزر بحقوق تاريخية استنادا إلى نزول مستكشفين بريطانيين بها وهم فى طريقهم لاستكشاف القارة القطبية الجنوبية عام 1833 والثانى احتمالات وجود مستودعات بترولية بتلك الجزر النائية، رغم أن عمليات الحفر لم تبدأ إلا فى عام 2010 مما أعاد الأزمة إلى السطح مرة أخرى. وفي يوليو 2012 أعلنت شركة بيميير أويل البريطانية للنفط أنها وقعت صفقة قدرها مليار دولار للتنقيب عن النفط فى فولكلاند الذى تتوقع ظهوره بحلول عام 2017 ، وقالت الشركة أنها ترى أن احتمال الصدام مع الأرجنتين لهذا السبب هو مخاطرة تستحق القيام بها.
حفار بريطانى للتنقيب عن البترول فى جزر الفولكلاند
وسبق لبريطانيا إجراء استفتاء مماثل فى جزيرة جبل طارق فى البحر المتوسط (المسماة باسم قائد فتح الأندلس طارق بن زياد) والتى طالبت بها إسبانبا، وكانت الجزيرة تابعة للحكم العربي لكنها سقطت بيد الإسبان عام 1462، ثم استولى عليها الانجليز عام 1704، وجاء الاستفتاء الذى جرى عام 2002 لصالح بريطانيا بنسبة 98.5%، وكان ثانى استفتاء يأتي بنفس النتيجة، حيث تم الأول عام 1967. ويرجع السبب في تأييد سكان جبل طارق للبقاء تحت التاج البريطانى كون معظمهم مهاجرين من أصل بريطاني. والآن تحاول بريطانيا نقل تجربتها الناجحة فى جبل طارق إلى الفولكلاند لتوفر غطاء سياسيا لسيطرتها على الجزر.
شواطئ جزر الفولكلاند
البقاء للأقوى
لكن نظرة إلى سلوك بريطانيا فى نزاعات مشابهة مع دول أخرى تلقي الضوء على أبعاد عسكرية تعتمد تماما على منطق القوة والبقاء للأقوى، إذ كان لبريطانيا موقفين مختلفين مع كل من الصين والولايات المتحدة.
وتشهد جزيرة جرينادا فى البحر الكاريبي (واسمها الأصلي غرناطة) على سيناريو الاحتلال الأمريكي المفاجئ للجزيرة عام 1983، بهدف تغيير نظامها الاشتراكي، وكانت الجزيرة مستعمرة بريطانية وبقيت عضوا فى الكومنولث البريطاني عندما نالت استقلالها عام 1974. 
اعترضت رئيسة الوزارء البريطانية مارجريت تاتشر بشدة على الغزو الأمريكي، رغم أنها هى التي قادت بنفسها حرب الفولكلاند ضد الأرجنتين قبلها بعام واحد، وأعلنت صراحة أنها ضد الغزو الذى اعتبرته "تدخلا من دولة غربية في الشئون الداخلية لبلد صغير مستقل، مهما كان عدم قبولنا لشكل النظام فيه" كما جاء في رسالتها إلى الرئيس الأمريكي رونالد ريجان، مشيرة إلى جرينادا التي كانت قد طلبت العون رسميا من بريطانيا لمواجهة الغزو الأمريكي. لكن تاتشر سحبت كلامها كله بعد أقل من 24 ساعة عندما أرسل لها ريجان وزير خارجيته ألكساندر هيج فى الصباح التالي، والذي خرج من اجتماعه بتاتشر ليدعها تعلن بنفسها أنها "تتفهم موقف الولايات المتحدة"، وانتهى الأمر عند ذلك الحد.

وفي عام 1984 صدر إعلان بريطاني صيني مشترك، بعد مفاوضات شاقة، ينهي للأبد سيادة بريطانيا على جزيرة هونج كونج التى استأجرتها الحكومة البريطانية لمدة 99 عاما تنتهى فى يوليو 1997، وبه أعلن انتهاء السيادة البريطانية على الجزيرة وعودتها إلى الصين دون أخذ رأي 6 ملايين مواطن في هونج كونج. ولم يكن بوسع بريطانيا التى فقدت الكثير من الاستثمارات بموجب هذا الاتفاق، أن تدخل فى مواجهة عسكرية مع دولة نووية بحجم الصين.، فسلمت بالأمر الواقع.