نشرت جريد الحياة اليوم مقالا ساخرا تعليقا على مليونيات القاهرة بعنوان "المتجه إلى الجنة يسلك "النهضة" والطريق إلى "النار" من "التحرير" ، ويستهل المقال الساخر لأمينة خيري سطوره بإرشادات افتراضية للمرور فى شوارع القاهرة
"المتوجه إلى الجنة يسلك طريق كوبري الجامعة، وعلى الراغبين دخول جهنم الدوران للخلف والعودة صوب التحرير". تتبع إرشادات السير في شوراع القاهرة بات ضرورة حتمية في ضوء هجمة المليونيات المختلفة الآخذة في تمزق المحروسة إرباً. ورغم أن أغلب تغييرات السير يدور في فلك دنيوي، وتحديداً حول الطرق المؤدية إلى "التحرير" الليبرالي، و"النهضة" الإخوانية والسلفية، وأخيراً "كورنيش المعادي" حيث مقر المحكمة الدستورية العليا، إلا أن الأمر لا يخلو هذه الأيام كذلك تعليمات السير نحو الآخرة حيث الراحة الأبدية.
أبدية المداهنة من قبل بعض الرموز الدينيين للسلطة أمر دنيوي بحت، والغالبية العظمى من المصريين تعرف ذلك وتعيه جيداً. فبالأمس القريب، كان التسبيح بحمد الرئيس السابق حسني مبارك يجلجل من مكبرات الصوت في الكثير من المساجد، ومن قبله كل من حكم مصر، واليوم تستمر عجلة التسبيح بعد إضافة بهارات التكفير ومحسنات الترهيب وكل ذلك في ظل صمت رسمي لا يبدو أن النفاق الديني يزعجه! حملة مستعرة يشنها مشايخ مساجد وخطباء منصات ومحبو "إخوان" وأتباع سلفية لحشد الحشود وتجييش الجيوش استعداداً لـ"غزوة" الدستور المسلوق. الجانب الأصلي من الحملة تعتمد التكتيك الكلاسيكي المتبع في مثل هذه الغزوات، ألا وهو الترغيب بورقة الجنة لمن يقول "نعم" والترهيب بورقة النار ممن يتجرأ بـ"لا"
ورغم الرد الساخر القادم من الفريق الآخر بأن لا داع لأن يدخل المرء الجنة مرتين، في إشارة إلى المرة الأولى التي تم تجييش المصريين ليصوتوا بـ"نعم" للإعلان الدستوري الصادر في آذار (مارس) 2011، إلا أن العمل جار على قدم وساق استعداداً لبطاقات دخول الناخبين جنة "نعم". وبدلاً من التلويح بالتحذير من مغبة "لا" كما حدث في الاستفتاء على إعلان آذار (مارس) 2011 ومن أنها قد تؤدي إلى إطالة الفترة الانتقالية ومد أمد عدم الاستقرار، لم يجد أنصار جماعة "الإخوان" الحاكمة وحلفاؤها من التيارات الدينية الأخرى داع لتكبد مشقة تزيين الأمور وتجميل الحشد لـ"نعم"، وذلك بعد سقوط كل الأقنعة!
ولم تكتفِ الأقنعة بالسقوط، بل بادر البعض إلى التشبه بعروض «كمال الأجسام» حيث الفوز للعضلات المفتولة والصدور المنفوخة. وبين رمي "التحرير" باتهامات القلة المارقة والشلة الفاجرة والنخبة الفاسدة، ونعت الإعلام الخاص بـ"الوساخات" و"الكلاب النابحة"، يظل المشهد الأكثر دلالة ذلك الذي حدث أثناء صلاة الجمعة الماضية من داخل المسجد الذي أدى فيه الرئيس مرسي الصلاة. جواز الاستحواذ على كل السلطات يتواءم ودعوة أحد وجوه الدعاة الفضائيين والذي أخذ يصرخ مطالباً الشيوخ بتعليق معارضي الرئيس مرسي على أبواب المساجد ليكونوا عبرة. عبرة أخرى استخلصها المصريون من مليونية "الشرعية والشريعة" التي عانت تخمة كلامية تكفيرية صبت جام غضبها وشتائمها على كل ما عداها. فبين الإعلان عن أنه "لا مكان في مصر إلا لأنصار الرئيس مرسي" والتلويح بأنه لولا الخوف من عدم اتساع المكان لكانت الدعوة إلى بليونية، ترددت أنباء عن هروب السيدة الواقفة إلى جانب تمثال "نهضة مصر" (والتي ترمز لمصر) لحظة دخول النائب السابق علي ونيس الذي اتهم في قضية فعل فاضح! فضح الأوضاع الحالية لم يعد في حاجة إلى مجهود ضخم أو تنقيب متعب. فبعد استغلال الدين على خط الرئاسة، ومنه إلى صعيد الدستور، وبعدهما إلى ميادين المحروسة وشوراعها، وعبرهما إلى القضاء، انبرت نقابة الدعاة لتعلن عن رأيها عبر موقفها. "مستعدون للإشراف على الاستفتاء على الدستور الجديد والانتخابات المقبلة، إذا تخلى القضاة عن ذلك. المؤكد أن المصريين قد تعدوا مرحلة "خليهم يتسلوا" التي أسقطت النظام السابق إلى مرحلة "خليهم يتشلوا" التي أسقطت العقل والمنطق!