ودعت مصر الكاتب الصحفي الساخر أحمد رجب بعد رحلة استمرت نحو نصف قرن مع الصحافة الساخرة، التي حمل من خلاها الكاتب الراحل هموم الوطن والإنسان، وأطلق في بروازه الصغير "نص كلمة" بصحيفة الأخبار أول تغريدة أو "تويتة"، قبل اختراع "تويتر" بخمسين عاما، حدث فيها الناس مباشرة بما قل ودل تعليقا على الأحداث الجارية.
لم يمر سوى شهر واحد تقريبا، حتى لحق أحمد رجب برفيق رحلته الصحفية رسام الكاريكاتير مصطفى حسين، الذي توفي في 16 أغسطس الماضي، واللذان أطلقا معا الكاريكاتير اليومي الساخر بشخصية " فلاح كفر الهنادوة" ليسخر من أفعال كبراء القوم ووجهائهم وكبار المسئولين في الدولة، ولم يجرؤ أحد منهم على مواجهة أفكاره لأنها كانت تعبر بصدق عن نبض الشارع المصري.
رحل أحمد رجب صباح الجمعة 12 سبتمبر 2014، عن عمر يناهز 86 عاما، وهو من مواليد الإسكندرية في 20 نوفمبر 1928، وتخرج من كلية الحقوق، ثم عمل في مكتب "أخبار اليوم" بالإسكندرية، ثم انتقل إلى القاهرة ليتولى منصب سكرتير التحرير، واكتشف مواهبه علي ومصطفى أمين، مؤسسا دار أخبار اليوم، وظل بها إلى نهاية حياته.
وللكاتب الساخر مؤلفات عديدة، من بينها: "الحب وسنينه، كلام فارغ، نهارك سعيد، صور مقلوبة، مطرب الأخبار، وآخر كتاب له "يخرب بيت الحب"، صدر هذا العام عن الدار المصرية اللبنانية، كما كتب قصة الفيلم الساخر "الوزير جاي" الذي قام ببطولته صلاح قابيل والذي فضح روتين الإدارات الحكومية ونفاقها.
أسس رجب مدرسة الكتابة الساخرة في العصر الحديث، التي تميزت بالنقد اللاذع والأسلوب المختصر في كافة المجالات السياسية والاجتماعية والاقتصادية. وحصل جوائز عديدة، آخرها "أفضل عمود صحفي" ضمن جائزة الصحافة العربية التي ينظمها نادي دبي للصحافة في مايو الماضي. نعى الكاتب الكبير رئيس الجمهورية ونقابة الصحفيين والنقابات الفنية واتحاد الكتاب، وودعه إلى مثواه الأخير بمنطقة سيدي بشر في قلب الإسكندرية مسقط رأسه، وحيث يعيش معظم أفراد أسرته، حشد كبير وحضر مراسم الدفن محافظ الإسكندرية، ومدير أمن الإسكندرية، وعدد كبير من قيادات المحافظة، وبعض الشخصيات من الوسط الصحفي والفني. وأبدى محافظ الإسكندرية رغبته في إطلاق اسم أحمد رجب على أحد شوارع المدينة