الخميس، 29 مايو 2014

السيسي يفوز برئاسة مصر بأغلبية ساحقة

فاز المشير عبد الفتاح السيسي وزير الدفاع الأسبق برئاسة الجمهورية في مصر بأغلبية ساحقة تخطت 96% من جملة الأصوات. 

وأظهرت مؤشرات فرز الأصوات أن أكثر من 23 مليون مواطن مصري منحوا أصواتهم للسيسي، بينما لم يستطع منافسه حمدين صباحي الوصول إلى رقم المليون ناخب حيث حصل على 745 ألف صوت تقريبا.

وتجاوز عدد من أدلوا باصواتهم في الانتخابات الرئاسية 25 مليون مواطن، وهو ما يقارب عدد من شاركوا في الانتخابات السابقة، لكنه لا يقارن بعدد الناخبين أيام حكم مبارك الذي لم يكن يتجاوز 7 ملايين ناخب، بسبب القيود الكثيرة التي وضعها نظامه على القيد في جداول الانتخاب. وبهذه الأرقام يتضح مدى ضآلة حجم المعارضة التي تنادي بعودة النظام المعزول، كما يشير ارتفاع نسبة المشاركة في الانتخابات إلى أن المصريين قد غيروا اتجاههم ولم يعد هناك وزن جماهيري لمن يؤيد جماعة الإخوان.

بدأت عملية فرز الأصوات عقب إغلاق اللجان الانتخابية وصناديق الاقتراع في التاسعة من مساء أمس الأربعاء واستمرت طوال الليل. وستعلن اللجنة العليا للانتخابات الأرقام الرسمية النهائية في خلال أيام قليلة. ومع إعلان النتائج الأولية المبشرة بفوز السيسي عمت المدن المصرية مواكب شعبية ترفع أعلام مصر وتطلق الزغاريد والألعاب النارية ابتهاجا بفوز المرشح الذي أيده غالبية الناخبين.

وبهذا تنتهي مصر من الخطوة الثانية من خارطة الطريق السياسية التي أعلنت يوم سقوط النظام السابق وفق مطالب شعبية في 30 يونيو الماضي طالب فيها ملايين المتظاهرين بإسقاط الرئيس الذي ينتمي إلى جماعة الإخوان الحاكمة وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة. أما الاستحقاق الأول فكان إقرار دستور جديد للبلاد، وهو ما تم قبل عدة أشهر، بدلا من الدستور المعطل والذي لاقى معارضة شديدة وسقط بعد أشهر قليلة.
وسيكون على المصريين استكمال الخارطة بإجراء انتخابات برلمانية لاختيار نواب الشعب في البرلمان القادم الذي سيتولى السلطة التشريعية. وبانتخاب مجلس النواب تكتمل المؤسسات الدستورية في البلاد التي عانت من عدم الاستقرار السياسي على مدى ثلاث سنوات منذ الإطاحة بحكم حسني مبارك في 2011 في ثورة 25 يناير.

لكن هذه المؤسسات الدستورية ليست وحدها التي تعرضت للتغيير الحاد في مصر، فقد جرت انتخابات في جميع نقابات مصر المهنية بعد سحب الثقة من مجالسها الإخوانية التي سيطرت عليها لثلاثين عاما أثناء حكم مبارك. وتولت مجالس جديدة إدارة النقابات كان شعارها العودة بالنقابات إلى عملها المهني الأصلي. ولم تكن نقابات مصر تعاني من الاستغلال السياسي فقط فقد كرست مواردها لخدمة الجماعة وأهدافها، لكن في عملية متدرجة سقطت المجالس القديمة بفعل مشاركة جموع المصريين في الانتخابات النقابية بعد سنوات طويلة من العزوف.

ويتطلع المصريون إلى استقرار البلد سياسيا وأمنيا حتى يمكن المضي في المهمة الأكبر وهي بناء اقتصاد قوي بعد أن ضعفت موارده خلال سنوات الثورة الثلاث، كما عانى من خلل كبير في ظل حكم مبارك حيث أنه رغم تحقيق معدلات نمو عالية وصلت إلى 7% سنويا، إلا أن الثروات تركزت في أيدي قلة من المقربين من السلطة، وأهملت جوانب كثيرة في حياة المصريين أهمها التعليم والصحة وفرص العمل. ومن أهم ما تواجهه الجمهورية الجديدة تحقيق الأمن والأمان للمواطنين بعد سنوات من الفوضي والعمليات الإرهابية التي قامت بها جماعات مناصرة لجماعة الإخوان التي ترتبط بدورها بتنظيم دولي للجماعة يحاول إحداث القلاقل في مصر بهدف إحراج الحكم الجديد.

لكن ما حدث في 30 يونيو بخروج الملايين للشوارع والميادين ضد حكم الإخوان أصبح علامة فارقة في تاريخ الجماعة التي كان عليها في السابق مواجهة السلطات، أما الآن فهي تواجه غالبية الشعب المصري بعد ما اتضح أن هدف الجماعة كانت تأسيس حكم يقوم على التمييز والطائفية وإنكار الآخر، وهدم فكرة الوطن لصالح فكرة الشيوع العالمي. وأثار غضب الشعب المصري على وجه الخصوص ضلوع جماعة الإخوان، وعلى رأسها الرئيس المعزول، في مخططات لتقسيم مصر والتنازل عن أجزاء من أراضيها على الحدود لصالح جيرانها، والنص في الدستور الذي صاغته جماع لإخوان على منح صلاحية تعديل الحدود للرئيس. وشملت تلك المخططات التنازل على أجزاء من سيناء لمنظمة حماس، وأراضي حلايب وشلاتين للسودان، وأجزاء من الحدود الغربية المتاخمة لليبيا.

سيكون أيضا على الجمهورية الجديدة إعادة جذب الاستثمارات إلى مصر بعد أن غادرها معظم المستثمرين بسبب حالة عدم الاستقرار. وهناك قطاعات اقتصادية عديدة تنتظر عودة الروح إليها مثل الصناعة والسياحة. أما قطاعات الخدمات فيه تحتاج إلى خطط عاجلة وأخرى طويلة الأجل لاستعادة مستوى التعليم والرعاية الصحية بعد سنوات طويلة من الإهمال.
ولدى المصريين آمال كبيرة في أن تحقق الجمهورية الجديدة نقلة نوعية وسريعة تنقذ الاقتصاد وتعيد الأمل للشباب في مستقبل جيد، كما أنهم يأملون في تغيير أشياء كثيرة في مجتمعهم ليس آخرها السلوكيات السلبية للأفراد بل أيضا في نظرة الدولة وتقديرها للمواطن المصري، الذي أثبت خلال السنوات القليلة الماضية أنه استرد وعيه وقراره وأصبح يمارس سلطته الشعبية على أعتى النظم، وهو الآن الذي يقرر من يحكم ومن يذهب إلى غير رجعة.