حتى لا يتهم أحد أحدا بأنه ضحية وساوس "فكر المؤامرة".. هذا "شاهد "من أهلها"، بل من أكبر شهودها، صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، تتحدث وتنشر خرائط تقسيم العالم العربي، هكذا نهارا جهارا و"عيني عينك" كما يقول المثل الشعبي
خريطة "تقسيم الشرق الأوسط الجديد" |
تحت عنوان كيف تصبح 5 دول 14؟ تستهل الصحيفة تقريرها الخطير المنشور في 28 سبتمبر 2013 بعبارة "بالتدريج ستصبح هذه هي خريطة الشرق الأوسط". وتنشر الصحيفة خريطة عليها خطط تقسيم بالورقة والقلم، ومرفق بها كيفية تنفيذ التقسيم والمحاور التي يعتمد عليها ومعظمها طائفي وعرقي وقبلي.
1. ليبيا إلى 3 دول (تقسيم قبلي إلى شرق وغرب وجنوب)
2. سوريا إلى 3 دول (تقسيم طائفي وعرقي إلى دولة علوية ساحلية، دولة سنية في الداخل متحدة مع وسط العراق السني ، دولة كردية في الشمال متحدة مع كردستان العراق)
3. العراق إلى 3 دول (دولة كردية في الشمال متحدة مع أكراد سورية، دولة سنية في الوسط متحدة مع داخل سوريا السني،ودولة شيعية في الجنوب)
4. السعودية إلى 5 دول (إعادة المملكة إلى ما كنت عليه قبل نشأتها أي إلى 5 دول اعتمادا على تقسيم طائفي وقبلي واقتصادي وخلافات بين أمراء العائلة المالكة، منها دولة في الوسط تسمى وهاب ستان (نسبة إلى محمد بن عبد الوهاب مؤسس الحركة الوهابية) مع احتمال ضم جنوب اليمن إليها كمنفذ بحري وحيد.
5. اليمن إلى دولتين (إعادة الحدود إلى ما منت عليه قبل الوحدة بين الشمال والجنوب)
وتركت الخريطة كلا من مصر والسودان بلا أية إشارات، والسودان قد جرى تقسيمه بالفعل، أما مصر فيبدو أن المؤامرة قد تحطمت على أرضها ..
وبالطبع لا يمكن تفعيل هذا المخطط إلا بشروط هي:
1. مشاركة قاطني هذا الدول على الأرض حسب انتماءاتهم إلى كيانات أصغر مثل القبيلة أو الطائفة، وذلك بإثارة تلك النعرات بينهم وإغرائهم بالأملاك والمناصب
2. إضعاف الجيوش الوطنية التي يمكنها التصدي للحركات الانفصالية.
3. تسليح الطوائف والقبائل تمهيدا لحمل أبنائها السلاح في مواجهة الدولة الأم أو في مواجهة الطوائف الأخرى لإقامة الدولة الجديدة.
4. إضعاف النظم القائمة بالحصار الاقتصادي والسياسي والإعلامي والعمل العسكري إذا لزم الأمر
ومن الواضح أن أجزاء من ذلك المخطط قد بدأ تنفيذها بالفعل، وأجزاء أخرى يجري الإعداد لها، لتحقيق الهدف النهائي وهو تحويل المنطقة العربية إلى دويلات وإمارات صغيرة يسهل ضربها والتحكم فيها، ليس بالجيوش والحروب التي تتكلف المليارات، بل ربما فقط ببضع كلمات من التهديد والوعيد، لضمان استنزاف مواردها بأزهد ثمن، وأهمها النفط العربي، ولمنع تكون اقتصادات قوية في المنطقة تعتمد على نفسها، وبذلك تكون سوقا دائما لتصريف المنتجات الغربية التي تواجه تحديات اقتصادية كبرى تنذر بانهيارها أمام القوى الجديدة في الصين وغيرها
غالب الأمر أن الحكومات الغربية، وعلى رأسها الحكومة الأمريكية، تستمع إلى نصائح شريرة تجعل منها سياسة ومنهجا، حتى لو تغيرت الإدارات "المنتخبة" في تلك الحكومات فإن مؤسساتها السياسية والعسكرية والاستخباراتية لا تتغير، وبذلك يبقى الخطر قائما ولا يزول بزوال إدارة أو رئيس. واضح أيضا أن تلك المؤامرة التي فشلت فشلا ذريعا في مصر مازالت نشطة في سوريا والعراق وليبيا، وتنتظر لتضرب ضربتها في السعودية. أما دول الخليح فهي أصغر من أن يعاد تقسيمها.
قامت بريطانيا وفرنسا بتقسيم العالم العربي في مطلع القرن العشرين، وها هي أمريكا التي تعتبر نفسها وريثة النفوذ البريطاني بعد زوال الإمبراطورية البريطاني "التي لا تغيب عنها الشمس"، تعيد الكرة هذه المرة في مطلع القرن الواحد والعشرين بهدف "تقسيم المقسّم". لكن هل سيحدث ذلك؟ أم قد يتمخض ذلك العداء والعناد عن زوال الإمبراطورية الأمريكية نفسها كما زال غيرها من قبل؟
التاريخ وحده سيحدثنا في المستقبل ..
التاريخ وحده سيحدثنا في المستقبل ..