الخميس، 15 أغسطس 2013

مصر: البرادعي يخسر الجميع باستقالته

أثارت استقالة د. محمد البرادعي من منصبه كنائب رئيس الجمهورية سخطا واسعا بين الأوساط السياسية والشبابية الثورية في مصر، واعتبرتها حركة تمرد هروباً من المسئولية.
ومن أهم الانتقادات التي وجهت إلى البرادعي مطالبته بتأجيل غض اعتصامات الإخوان لحين التوصل الاتفاق معهم ، حيث رأى كثيرون أن مثل هذا النهج في ظل العناد الإخواني واستقوائهم بالخارج لن يزيد الأمور إلا تعقيدا ويقوي من شوكتهم مما يغريهم بالضغط أكثر مستخدمين العنف وقطع الطرق وشل الحياة المدنية للحصول على مكاسب سياسية. 
واعتبر العديد من المراقبين أن البرادعي قد اتخذ "القرار الخاطئ في الوقت الخطأ" وأن قراره نوع من الانتحار الوطني السياسي أطاح بمستقبله ومكانه في الخريطة السياسية لمصر حيث أنه قد خرج بهذه الاستقالة على الصف الوطني لكل فئات الشعب ومؤسسات الدولة المتمثلة في الجيش والشرطة والقضاء والإعلام والأزهر والكنيسة، والتي جتشدت في وعاء واحد سوم 33 يوليو الماضي خلف إرادة شعبية طالبت بإسقاط حكم الإخوان.

وفضلا عن ذلك فإن البرادعي الذي فقد منصبه قد فقد أيضا رصيده الشعبي ومكانته كرمز من رموز ثورة يناير، كما فقد رضا الإخوان الذين لم يرضوا عنه من قبل والذين لم يعد لهم وجود في الدائرة السياسية. وعزز من السخط على البرادعي أنه هو صاحب دعوات المبعوثين الأوروبيين والأمريكان الذين جاءوا إلى مصر والتقوا بالرئيس المعزول وبقيادات الإخوان واستقبلتهم الحكومة على مضض كما أدان الشعب وجودهم وشكك في دورهم. 

كما وجه المنتقدون للبرادعي تساؤلا مفاده هو إن كان حريصاً على عدم إراقة الدماء في فضّ الاعتصام فلماذا لم يستقل بمجرد علمه ببدء تنفيذه وليس في آخر النهار بعد استجلاء مواقف الغرب؟ كما انتقدوا تجاهله الإجماع الشعبي على فض الاعتصامات الإخوانية غير السلمية كما أظهرت مظاهرات 26 يوليو.

ووصفت حركة "تمرد" استقالة البرادعي في هذه اللحظات التاريخية بأنه هروب من المسئولية قائلة: "كنا نتمنى أن يقوم بدوره لإيضاح الصورة للرأي العام العالمي والمجتمع الدولي وشرح أن مصر تواجه إرهاباً منظماً خطورته كبيرة على الأمن القومي المصري". ورأى قياديون في جبهة الإنقاذ التي ينتمي إليها البرادعي أن وجهة نظره تتلخص في اعتقاده أن عدم احتواء الإخوان سيؤدي إلى تصاعد العنف والإرهاب، بينما الواقع يثبت العكس والحقيقة أن الخضوع للإخوان هو الذي سيؤدي إلى وضع الشعب المصري كله رهينة العنف والإرهاب.

وكان البرادعي قد قال في نص خطاب استقالته أنه كان ولا يزال يرى أن هناك بدائل سلمية لفض الاشتباك المجتمعي، وأنه "كانت هناك حلول مطروحة ومقبولة لبدايات تقودنا إلى التوافق الوطني"، مضيفا "لقد أصبح من الصعب عليّ أن أستمر في حمل مسئولية قرارات لا أتفق معها وأخشى عواقبها". واعتبر أن مصر قد شهدت عاما سيئا بسبب الجماعات التي اتخذت من الدين ستاراً والتي نجحت في استقطاب العامة نحو تفسيراتها المشوهة للدين حتى وصلت للحكم ومارست سياسات الاستحواذ والإقصاء وتكريس الانقسام والاستقطاب في صفوف الشعب.

وعقب استقالة البرادعي قام بعض رموز حزب الدستور الذي يتنمي إليه وأعلن استقالته منه بمناسبة ضمه للحكومة الانتقالية، بتقديم استقالاتهم من الحزب، منهم الدكتور أحمد درّاج، وكيل مؤسسي حزب الدستور، والقيادي مصطفى الجندي، وأعربوا عن أسفهم لاستقالة البرادعي من موقعه واعتبروا هذا الموقف تخلياً عن الوطن في ظرف دقيق. وكان الحزب قد تعرض لاستقالات سابقة بسبب "اختراق علني" من جانب أعضاء في جماعة الإخوان بحكم تكوين الحزب من أعضاء "من كل الفصائل والتيارات" كما جاء في إعلان إنشائه، مما أدى إلى ظهور تيارات داخل الحزب موالية لغيره، وأصوات تنتقد عدم وجود أيديولوجية خاصة للحزب تمنع وصول المنتمين إلى حركات وتيارات أخرى إلى كوادره