أرسلت الولايات المتحدة وزير خارجيتها جون كيري إلى إسرائيل ورام الله للتوسط بين إسرائيل والفلسطينيين في استئناف مباحثات السلام بين الطرفين، وأرسلت نائبه إلى القاهرة للتوسط بين الحكومة المصرية الجديدة وأعضاء في الحكومة المعزولة في 3 يوليو الماضي.
بيرنز - أوباما - كيري
ويستدعي هذا الموقف سؤالين هامين
هل الملف الإسرائيلي أكثر أهمية من الملف المصري لدى الحكومة الأمريكية؟
لماذا لم يقم أي من الرجلين بالزيارتين خلال تواجده بالمنطقة؟ كما جرت العادة في رحلات الدبلوماسية الأمريكية إلى الشرق الأوسط؟ ولماذا لم يعرج وزير الخارجية على القاهرة وهو على مقربة منها؟
هل الملف الإسرائيلي أكثر أهمية من الملف المصري لدى الحكومة الأمريكية؟
لماذا لم يقم أي من الرجلين بالزيارتين خلال تواجده بالمنطقة؟ كما جرت العادة في رحلات الدبلوماسية الأمريكية إلى الشرق الأوسط؟ ولماذا لم يعرج وزير الخارجية على القاهرة وهو على مقربة منها؟
اجتماع القيادات الفلسطينية - رام الله
والإجابة على هذين السؤالين، من شواهد الواقع، تتلخص في:
نعم .. الملف الإسرائيلي يبدو أكثر أهمية من الملف المصري. ولكن هذا ليس كل شيء. فمثل هذه الزيارات "غير العاجلة" لإسرائيل والضفة الغربية قد تكون على أجندة الوزير منذ فترة طويلة أي أنها زيارة "مجدولة" ولها بنود محددة وجدول أعمال ونتائج مرجوة ومتوقعة إلى آخره. بينما زيارة مساعد وزير الخارجية لمصر هي زيارة "عاجلة" و"ليست مجدولة" كما أنها ليست بصدد تحقيق نتائج معينة. وفوق هذا الواقع فإن تواجد الرجلين في بلدين متجاورين، في نفس الوقت، يظهر أنهما في مهمتين مختلفتين تماما. حيث أن الجمع بين بلدان متجاورة في زيارات سابقة كان مبنيا على "وحدة الموضوع"، أي مناقشة نفس القضايا. لكن الأحداث الجارية تقول أن الموضوع في مصر هذه المرة مختلف بكل تأكيد.
وتتبع درجة الأهمية كذلك تأثير الواقع على الأرض، فبالنسبة للحليف الإسرائيلي الذي يعمل بسياسة الأمر الواقع، يمكن أن يكون الأمر روتينيا، مثله مثل زيارات ومحادثات سابقة كثيرة، وإذا تغير شيء فالمهم أن يكون لصالح حلفاء أمريكا الذين يسيطرون على الأرض بالفعل، وإلا فلا مانع من إبقاء الأمر على ما هو عليه.
نعم .. الملف الإسرائيلي يبدو أكثر أهمية من الملف المصري. ولكن هذا ليس كل شيء. فمثل هذه الزيارات "غير العاجلة" لإسرائيل والضفة الغربية قد تكون على أجندة الوزير منذ فترة طويلة أي أنها زيارة "مجدولة" ولها بنود محددة وجدول أعمال ونتائج مرجوة ومتوقعة إلى آخره. بينما زيارة مساعد وزير الخارجية لمصر هي زيارة "عاجلة" و"ليست مجدولة" كما أنها ليست بصدد تحقيق نتائج معينة. وفوق هذا الواقع فإن تواجد الرجلين في بلدين متجاورين، في نفس الوقت، يظهر أنهما في مهمتين مختلفتين تماما. حيث أن الجمع بين بلدان متجاورة في زيارات سابقة كان مبنيا على "وحدة الموضوع"، أي مناقشة نفس القضايا. لكن الأحداث الجارية تقول أن الموضوع في مصر هذه المرة مختلف بكل تأكيد.
وتتبع درجة الأهمية كذلك تأثير الواقع على الأرض، فبالنسبة للحليف الإسرائيلي الذي يعمل بسياسة الأمر الواقع، يمكن أن يكون الأمر روتينيا، مثله مثل زيارات ومحادثات سابقة كثيرة، وإذا تغير شيء فالمهم أن يكون لصالح حلفاء أمريكا الذين يسيطرون على الأرض بالفعل، وإلا فلا مانع من إبقاء الأمر على ما هو عليه.
أراد الإسرائيليون من هذا "الفصل" من المحادثات استخدام الأمريكيين لصالحهم في إغراء أو ترغيب الفلسطينيين بسياسة إسرائيلية جديدة أعلنت العام الماضي ترتكز على شيء واحد هو "يهودية إسرائيل". ويعني هذا إسقاط حق "غير اليهودي" في الإقامة في أراضي تحتلها إسرائيل بما في ذلك أراضي ما قبل 1948. وهذا يعني باختصار طرد مليون ونصف مليون إنسان من عرب 1948 حاملي الجنسية الإسرائيلية بإسقاط الجنسية عنهم، ليضافوا إلى ملايين الفلسطينيين المشردين في أنحاء الأرض وفي خيام اللاجئين منذ أكثر من نصف قرن. هذا هو البديل الذي تحاور فيه أمريكا الفلسطينيين بدلا من مناقشة عودة اللاجئين، ذلك البند الذي يراد له أن يشطب من أي أجندة عربية.
هذا هو ما ذهب من أجله "كيري" إلى رام الله، وهذا ما أراد بيعه للفلسطينيين. لكن الفلسطينيين لم، ولن، يقبلوا. وأنهى كيري زيارته ولم يصدر بنهايتها حتى مجرد بيان يتحدث عن إمكانية عودة المحادثات.
بيان 3 يوليو - مصر
وعلى عكس القضية الفلسطينية القديمة والمعروفة، فإن قضية مصر ساخنة تلسع، وهي ليست قضية أرض وإنما قضية نفوذ. خسرت الولايات المتحدة حليفا سياسيا بسقوط الإخوان المسلمين الذين نموا في رعايتها وبدعم مباشر من حكومتها. لكنها لم ترد خسارة الحليف الأقوى في مصر وهو الجيش، الذي يرتبط بالولايات المتحدة في كثير من الأمور أهمها التسليح، ولهذا ارتبكت السياسات الأمريكية بشأن مصر إلى حد الفشل، بسبب تنازع الآراء وتضاد المصالح.
وأمريكا لا تريد أن يكون للجيش صوت أو رأي سياسي في مصر والمنطقة، فهي تريده تابعا للنظام السياسي الذي يمكن التفاهم معه والضغط عليه، حتى لو لم يكن النظام مؤيدا من الشعب. والتقى فكر الإخوان بفكر الساسة الأمريكان عند نقطة في غاية الخطورة، وهي جعل الجيش أداة في يد النظام الإخواني. فالأمريكان يجيدون اللعب بالإخوان، والإخوان يريدون تسخير الجيش، بل موارد مصر كلها، لحساب تطلعاتهم في بناء إمبراطورية إخوانية يخطط لها تنظيم الإخوان العالمي.
كلا الطرفين يريد استخدام الجيش المصري لحسابه، والتقاء الأهداف التاكتيكية متوسطة المدى يمكن أن يشعل المنطقة برمتها ويقذف بها في أتون حروب طائفية ودينية مذهبية وعرقية لا تنطفئ ربما لقرون .. لكن الساسة لا يرون في ذلك إثما ولا جورا. إنهم في الواقع "عبدة الشيطان" الحقيقيون .. ويصدق فيهم قول رب العالمين في كتابه العزيز "كُلَّمَا أَوْقَدُواْ نَارًا لِّلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ" "المائدة 64".
غلب الشعب المصري دهاة السياسة ودعاة الحروب، وأبى الجيش المصري أن يكون لعبة بيد أحد، وقرأ الحاضر والماضي، وأدرك عبقرية الشعب المصري التاريخية، فقرر إنقاذ البلاد من شر العباد، وهو الآن يسطر تاريخا لن ينسى ولو بعد آلاف السنين.