الأربعاء، 6 نوفمبر 2013

إنشاء محطة نووية في الأردن يثير مخاوف بيئية واقتصادية

ف ب/ يثير مشروع بناء أول محطة نووية في الأردن لأغراض سلمية الكثير من الانتقادات، وذلك بسبب المخاوف البيئية وتكلفته الباهظة.
وأثارت خطة الأردن لبناء محطة نووية بمساعدة روسية الكثير من المخاوف والشكوك حيث دعا المعارضون لهذا المشروع المثير للجدل وبينهم خبراء الى التخلي عنه، مؤكدين أن بلادهم لاتملك لا الإمكانيات ولا الخبرات اللازمة له. وكانت الحكومة الأردنية قد أعلنت نهاية الشهر الماضي اختيار شركة "أتوم ستروي إكسبورت" و"روست أتوم اوفرسيز" الروسيتين لبناء وتشغيل أول محطة نووية لتوليد الكهرباء وتحلية المياه بتكلفة تصل إلى10 مليار دولار. ويستورد الأردن 97% من احتياجاته النفطية كما أنه من أفقر دول العالم في المياه بعجز يتجاوز 500 مليون متر مكعب سنويا.

ويشتمل المشروع على بناء مفاعلين نوويين بقدرة 1000 ميجاوات لكل منهما، يبدأ تشغيل الأول عام 2021 والثاني عام 2023 ومن المفترض ان يقام في منطقة عمرة الصحراوية في محافظة الزرقاء شرق العاصمة عمّان. ويقول الأردن الذي يعاني من ظروف اقتصادية صعبة وشح في الموارد الطبيعية ودين عام تجاوز 23 مليار دولار ان المشروع سيخفض كلفة إنتاج الكهرباء الذي يكلف خزينة الدولة نحو ملياري دولار سنويا. لكن خبراء حذروا من هذا المشروع معتبرين أنه ينطوي على مخاطرة كبيرة، وداعيين الأردن الى إعادة النظر به.

مخاوف وانتقادات
ويقول عضو الائتلاف الأردني لمكافحة مشروع المفاعل النووي، علي قسي، "نحن خائفون من هذا المشروع لأن فيه خطرا على البلد والناس والبيئة والاقتصاد ولا نرى له ضرورة". ويضيف "هناك بدائل أرخص وأفضل وأسلم للطاقة النظيفة والمتجددة الخالية من المخاطر". وأوضح أنه "ليس من المنطقي أن نقيم مشروعا نوويا ونحن نعلم أن الأردن يقع في منطقة معروفة تاريخيا بتعرضها  للزلازل وأنه لايملك الإمكانات والكوادر البشرية ولا المياه اللازمة والأموال الطائلة".

ويري رؤوف الدباس الناشط البيئي والمستشار في وزارة البيئة إن "هذا الخيار كان يجب ان يكون آخر المطاف بعد أن نكون قد استنفدنا كل شيء". وأضاف "كان يجب عمل دراسات من جميع النواحي الاقتصادية والفنية وأخذ رأي المجتمعات التي تقطن مكان المفاعل". وتابع "يجب ان تكون هناك جهات رقابية حثيثة ودقيقة جدا من وزارة البيئة والصحة والقطاع الإشعاعي"، مشيرا الى انه لا يجد في هذه المؤسسات "أي خبرة في هذا المجال" وأنه "لاتوجد لدى الاردن خامات من اليورانيوم ترتقي للمستوى التجاري يمكن الاستفادة منها في المفاعلات النووية ما سنضطر معه الى استيراد هذه المواد الغالية". 
وأضاف ان "الطاقة النووية تحتاج الى كميات هائلة جدا من المياه ونحن من افقر دول العالم بالمياه". وأوضح ان "المحطة يعتزم إنشاؤها في منطقة تقع على طرق رئيسية تربط الأردن بالعراق والسعودية وهي معرضة للتسلل ولمشاكل أمنية اكثر من المناطق الأخرى".

وتابع ان "إقامة مثل هذه المشاريع يحتاج الى 10 سنوات في وقت نحن نحتاج الطاقة اليوم". واعتبر أنه "لذلك لن تكون هناك أي فائدة استراتيجية للأردن في الطاقة النووية". ويرى الدباس أن "المكتسبات الاقتصادية التي حصلت عليها اليابان من المفاعلات خلال ثلاثة عقود فقدتها في ثانية وستبقى تبعاتها قائمة لمائة سنة أخرى قادمة. فهل يستطيع الأردن تحمل ولو خطأ صغير في هذا المجال؟" مشيرا إلى حادث محطة فوكوشيما شمال شرق اليابان في مارس 2011 وهو الأخطر منذ كارثة تشرنوبيل قبل 25 عاما.

وانتقدت مسئولة حملات المناخ والطاقة في الوطن العربي لدى منظمة السلام الأخضر صفاء الجيوسي الاتفاق، ودعت الحكومة الاردنية في بيان إلى "التخلي عن هذه الخطط قبل فوات الأوان". ورأت أن "هذا القرار هو سوء تقدير، ونحن رأينا ما حدث في فوكوشيما، لا يمكننا السماح بتكرار ذلك في الأردن". وأكدت الجيوسي أن "الطاقة المتجددة هي سبيلنا للتقدم، فالطاقة النووية لن تبني مستقبلنا الاقتصادي ولن تمنحنا الاستدامة في الطاقة".
وقالت مجموعة من منظمات البيئة المحلية في بيان مشترك إن "الأردن يفتقد الى التشريعات المنظمة للسلامة والعمل النووي"، منددين "بعبثية القرارات التي لازمت هذا البرنامج".

وأكد النائب افي مجلس النواب الأردني خليل العطية "نحن لدينا مشكلة كبيرة بالطاقة" لكن "الحكومة والجهات المختصة لم تقنع الأردنيين بجدوى هذا المشروع" لحد الآن. وأضاف "البرلمان السابق كان قد اتخذ قرارا بمنع إنشاء المفاعل إلا بعد استكمال الدراسات"، مشيرا الى أنه "لم يتم حتى الآن إعلام المجلس واعضاءه بالدراسات التي تمت ومدى جدواه". وتابع "نريد ان نسمع من رئيس الحكومة، عبد الله النسور، هل هو مقتنع بهذا البرنامج النووي ويدافع عنه كما يدافع عن باقي القرارات؟ وهناك انقسام في داخل المجلس حول هذا الموضوع. 

في المقابل دافع رئيس هيئة الطاقة الذرية الأردنية عن المشروع وفوائده. وقال خالد طوقان نهاية الشهر الماضي إن المشروع "سيخفض كلفة لإنتاج الكهرباء في بلد تبلغ فاتورة الطاقة فيه نحو 4 مليارات دينار ( 5.6مليار دولار) يذهب نصفها لإنتاج الكهرباء". وأضاف في تصريحات أوردتها وكالة الأنباء الأردنية "علينا أن نستفيد من وجود 35 ألف طن من اليورانيوم يكفي الأردن لمائة سنة"، مشيرا إلى أن"المشروع سيوفر كذلك عشرة آلاف فرصة عمل". وأوضح أن لدى الأردن "جيلا من المختصين يجري تعليمهم وتدريبهم في أفضل دول العالم"، مؤكدا أن "الدولة ستتخذ أفضل الاجراءات لحماية الإنسان والبيئة".