دش/ فى خطوة اعتبرت تعبيرا عن "نفاذ الصبر" يعتزم الاتحاد الأوربى مقاطعة منتجات المستوطنات الإسرائيلية فى الضفة الغربية والجولان المحتلة باعتبارها مناطق غير خاضعة لدولة إسرائيل رغم تصديرها إلى أوربا مختومة بعلامة "صنع فى إسرائيل"، ويرى مسئولون فى الاتحاد الأوربى أن المستوطنين الإسرائيليين المقيمين فى الأراضى الفلسطينية يقومون بعملية خداع واضح بكتابة مثل هذا الشعار على منتجاتهم. وينوى الاتحاد التحرك لوقف هذه الممارسات مما ينبئ عن مواجهة مع إسرائيل
منتجات الجولان تذهب إلى أوربا تحمل علامة "إنتاج إسرائيل"
وتشير مجلة دير شبيجل الألمانية إلى أن بعض المتاجر فى أوربا تبيع منتجات عليها شعار نجمة داود الإسرائيلية، ولكن عبارة مثل "إنتاج وتعبئة مصنع مرتفعات الجولان" تكشف أن مصدرها ليس إسرائيل، فمن المعروف أن منطقة الجولان سورية، وقد استولت عليها إسرائيل فى حرب يونيو 1967 وقام الجيش الإسرائيلى باحتلالها مع الضفة الغربية الفلسطينية منذ ذلك الوقت
ورغم أن المجتمع الدولى لم يعترف مطلقا بسيادة إسرائيل على هذه الأراضى، ورغم أن اتفاقية جنيف تحرم إنشاء مستوطنات فى الأراضى المحتلة، سمحت الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة بإنشاء مستوطنات فى تلك الأراضى، وهناك نحو 650 ألف مستوطن إسرائيلى يسكنون الآن الضفة الغربية والقدس الشرقية
شركة إسرائيلية تصدر منتجات من الضفة الغربية
وتقول "شبيجل" أن رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتانياهو قد أظهر أن الحكومة الإسرائيلية لا تحترم القانون الدولى. فقد قال مؤخرا لصحيفة معاريف الإسرائيلية "لقد انتهت أيام إزالة المستوطنات". ويجرى الآن تشكيل حكومة ائتلافية برئاسته بعد الانتخابات الإسرائيلية الأخيرة، ستضم سياسيين يمثلون المستوطنين، وهذا التشكيل يقلص آمال السياسيين فى برلين وبروكسل وواشنطن فى إحياء عملية السلام فى الشرق الأوسط التى دخلت فى غيبوبة
وزراء ألمانيا وفرنسا ولوكسمبرج
مواجهة مع إسرائيل
دفع هذا الوضع المسئولين فى الاتحاد الأوربى للسير وفق مسار سيضعهم فى مواجهة مع إسرائيل. والقضية الأساسية هى السياسات المتعلقة بالمستوطنات. وقد أعرب وزراء خارجية الدول الأعضاء فى اجتماع فى ديسمبر الماضى عن "التزامهم بالتطبيق الكامل والمستمر لقوانين الاتحاد والاتفاقيات الثنائية فيما يتعلق بمنتجات المستوطنات"، وبعبارة أخرى منع بيع سلع تم إنتاجها فى الأراضى المحتلة، وتحمل بيانات مزيفة.
ويمثل توقيع حظر على منتجات المستوطنات ضربة للاقتصاد الإسرائيلى، فالمستوطنون يصدرون ما قيمته حوالى 220 مليون يورو كل عام إلى أوربا، بينما ما يصدره الفلسطينيون لا يتعدى 15 مليونا، ولذلك اتسم رد فعل إسرائيل لخطط بروكسل بالسلبية الشديدة، فاحتجت السفارة الإسرائيلية فى برلين بأن العالم ملئ بالنزاعات حول الأراضى، و"إذا لم تطبق هذه السياسة على الجميع وتم تطبيقها فقط على إسرائيل فإنها لن تكون عادلة وتدخل فى نطاق التمييز، ويجب أن تعامل على هذا النحو". لكن هذه التهم لم تنجح فى ابتزاز قادة الاتحاد فى بروكسل، وقد توصل مسئولو الاتحاد إلى أن قوائم السلع الغذائية هى أكثر ما ينطبق عليه قوانين الحظر.
اختراقات وصعوبات
وتقضى قواعد الاتحاد بمراقبة مصادر المنتجات فى كل دولة وسحبها من السوق فى حال عدم التزامها بالسياسات الأوربية، لكن هناك بعض الاختراقات، فعلى سبيل المثال تقول الحكومة المحلية فى إحدى المقاطعات الألمانية أن وزارات الصناعة والتجارة والعمل الإسرائيلية تقدم مستندات تؤكد مصدر المنتج وليس هناك أى خداع. كما أن الحكومات الأوربية تعتمد على المعلومات المقدمة لها من قبل المصدرين الإسرائيليين، ومن الصعب تحديد المكان الذى قطفت فيه برتقالة أو زيتونة، أو إثبات مصدر التمر القادم من وادى الأردن المحتل. وتصدر شركة "أهافا" الإسرائيلية مستحضرات تجميل تحمل علامة "معامل البحر الميت - إسرائيل"، بينما الحقيقة أنها تصنع على حافة البحر الميت فى الضفة الغربية المحتلة. وترفض الشركة الإجابة عن التفاصيل القانونية وتكتفى بالقول أنها تعمل مع السلطات الألمانية والمفوضية الأوربية وفقا للقانون".
لكن هذه الإجابة الهادئة لم تستمر طويلا، فقد أخبرت الشركة على الفور السفارة الإسرائيلية فى برلين عن تقرير "شبيجل". أما فى "فايسبادن" حيث المستورد الألمانى فقد ردت إدارة حماية المستهلك على استفسار "شبيجل" بأنه مادام المقر الرئيسى للشركة الإسرائيلية يقع داخل حدود إسرائيل المعروفة، فليس هناك ما يمكن اعتباره مضللا.
تضليل تجارى
لكن مسئولي الاتحاد الأوربى فى بروكسل لهم موقف مختلف، فوفق سياسة الاتحاد يعتبر التاجر مضللا إذا قدم معلومات "غير واضحة، أو غير منطقية، أو غامضة أو متأخرة". وتعتبر المفوضية الأوربية مثل هذا السلوك مضللا لكنهم يرون أن بعض أعضاء الاتحاد يغمضون أعينهم ببساطة عن المنتجات الواردة من المستوطنات الإسرائيلية. وقد أكد تقرير "شبيجل" عن الدول الأعضاء هذا الشك، فقد تلقت إجابات متباينة على سؤال بسيط عما إذا كانت إسرائيل تعتبر مصدر منتجات مستوطنات فى الجولان أوالضفة الغربية. فأجابت بريطانيا وأيرلندا وفنلندا والسويد وإسبانيا وهولندا والنمسا وإسبانيا وقبرص بـ "لا" قاطعة، وهذه الدول تعتبر أن علامة "إنتاج إسرائيل" أو "صنع فى إسرائيل" على هذه المنتجات إجراء مضلل، لكن هناك دولا أظهرت عدم التأكد.
حساسية ألمانية
وبالنسبة لألمانيا وتاريخ علاقتها باليهود يتحمل المسئولون الألمان مشقة كبيرة لتجنب أى شيء قد يثير أى نوع من الارتباط بحملات النازى لمنع الناس من شراء بضائع من اليهود. ويحث المسئولون فى الحكومة الألمانية المفوضية الأوربية على تقديم مساعدة إرشادية لتطبيق قانون الاتحاد الأوربى فيما يتعلق بمسايرة القانون وضبط العلامات التجارية.
وبعض الدول الأوربية ترى أنه لا توجد مشكلة على الإطلاق فى العلامات التجارية، وترى أن المبيعات تصبح قانونية بمجرد موافقة الجمارك. هذا رغم أن مسئولى الجمارك لا يفحصون شيئا سوى ورود تلك البضائع فى قوائم اتفاقية الاتحاد مع إسرائيل،وهذا من شأنه فقط تقرير ما إذا كان على المستورد دفع جمارك أم لا. وترى شركة ألمانية تبيع منتجات المستوطنات أن مسئولية ضبط العلامات التجارية تقع على الموردين دون سواهم، كما اتصلت الشركة بالسفارة الإسرائيلية فى برلين قبل الإجابة على سؤال من "شبيجل"، وكان ردها أن "كلا من المورد والسفارة الإسرائيلية قد أكد لنا أن إجراءاتهم قانونية"، وأضاف المتحدث باسم الشركة أنهم "مثل معظم الناس يتمنون السلام للشرق الأوسط"