الخميس، 4 أبريل 2013

أين ذهبت شركات اليابان العملاقة؟

فقدت شركات التكنولوجبا اليابانية العملاقة، مثل شارب وسوني وباناسونيك، كثيرا من أسواق العالم بعد سيطرتها لعقود سادت فيها الأسواق وحققت أرباحا خيالية، بفعل عدة عوامل أهمها تحدي الثورة الرقمية التي غيرت أسس وطرق الصناعة في العالم، بالإضافة إلى أسباب أخرى اقتصادية وبيئية مثل كارثة تسونامي اليابان.
وفي تقرير مثير نشرته بي بي سي البريطانية محاولة للإجابة على السؤال الكبير "أين ذهبت الشركات التكنولوجية اليابانية العملاقة؟" يبدأ بالتساؤل عن ماذا حدث لشركات مثل سوني وباناسونيك وشارب، وكانت منتجاتها الأفضل والأوسع انتشارا في العالم. وأصبحت الآن تواجه مصاعب كبيرة وتخسر مليارات الدولارات. استعرض التقرير نتائج بحث ميداني قام به مراسل بي بي سي في طوكيو روبرت وينجفيلد هيز لمعرفة الأسباب وراء ذلك. ويقول المراسل إن الجميع الآن في اليابان يستخدم أجهزة آبل وسامسونج، في عقر دار سوني، وإن النتائج المالية للشركات اليابانية تظهر أن سوني تعاني من خسائر مالية شديدة.
ماذا حدث؟
وعن السؤال كيف تغير الحال؟ يتابع التقرير: "وفقا للخبير الاقتصادي جيرهاد فاسول المقيم في طوكيو، فإن عمالقة اليابان لم يواكبوا الثورة الرقمية. وهم قد بنوا مجدهم على صناعة آلات إلكترونية معقدة مثل أجهزة التلفزيون الملون والراديو وأجهزة التسجيل والثلاجات والغسالات. وهذه الأجهزة على مكونات إلكترونية، لكنها في الأساس آلات ميكانيكية، وجاءت الثورة الرقمية فغيرت العالم.

تحدي الثورة الرقمية
ويقول فاسول "جهاز ووكمان سوني مثال جيد. لم يكن به أي برمجيات بل تكون بالكامل من أجزاء ميكانيكية. والآن تعتمد الصناعة على البرمجيات وهو أمر مختلف تماما". فالثورة الرقمية لم تغير كيفية عمل الأجهزة فحسب، بل أحدثت تغييرا كبيرا في سبل صناعتها. تغير نموذج التصنيع ونقلت المصانع إلى دول ذات تكاليف إنتاج منخفضة. وأدى هذا إلى خفض كبير في ربحية الشركات اليابانية. وفي أجهزة الآيباد والآيفون يصل هامش ربحية آبل الى 50%. ويقال إن الآيفون يصنع في الصين ولكن 3 بالمائة فقط من أرباحه تبقى في الصين".
هيتاشي عادت إلى الصناعة الثقيلة
وفي مقابلة مع رئيس العملاق الياباني هيتاشي التي أنشئت منذ قرن ، هيروكي ناكانيشي، الذي تولى إدارتها عام 2010 قال إنه وجد الشركة تعاني من خسائر فادحة، وقرر بإغلاق وبيع الأقسام الخاسرة، التي كانت تنتج أجهزة إلكترونية. وقال ناكانيشي "التكنولوجيا الرقمية غيرت كل شيء". وأضاف "في صناعة التلفزيون تكفي رقيقة واحدة لصورة ذات جودة عالية. والآن يمكن للجميع القيام بذلك، وهذا يعني أن اللاعبين الجدد مثل كوريا والصين لديهم الأفضلية الآن".
وقرر ناكانيشي إعادة هيتاشي إلى عملها الأساسي في الصناعات الثقيلة مثل توربينات الغاز وتوربينات البخار والمحطات النووية لإنتاج الطاقة والقطارات فائقة السرعة. وهو يرى أن هيتاشي يمكنها أن تكون رائدة عالمية في هذا المجال، خاصة في دول العالم النامي. ويقول"في الدول النامية لا يوجد لديهم خبرة في هذا المجال كالتي لدينا، والأمر ليس مجرد بيع آلات ولكن تخطيط وخبرة هندسية والتمويل أحيان، وهذه العمليات الكاملة هي مكمن قوتنا"
ويتابع التقرير عن الشركات الثلاث الأخرى، إن سوني هي أقواهم ولكنها الآن تحقق أرباحا من فرعها للتأمين على الحياة أكثر من تصنيع الإلكترونيات. ولا يوجد لدى باناسونيك وشارب ما قد يرتكزان عليه لدرء الخسائر. وأضاف "شركات مثل سيسكو وأوراكل لا تتعرض للمنافسة الكورية. يجب على اليابان ان تكون دولة للابتكار الفكري، وأحيانا تكمن الأفضلية في التصنيع وفي أحيان أخرى في البرمجيات، وهي صناعة مهملة في اليابان".
وإضافة إلى تقرير بي بي سي هذا ذكرت أن تقارير إعلامية أخرى في سبتمبر الماضي أن شركة شارب كورب للصناعات الإلكترونية سوف تشطب 10966 وظيفة باليابان وفي دول أخرى. وأنها ستبيع بعض الأصول لتوفير نحو 213.1 مليار ين، 2.7 مليار دولار، بحلول مارس 2013 وفقا لخطة إعادة الهيكلة. وأفادت وكالة "كيودو اليابانية للأنباء" بأن الخطة التي قدمتها الشركة المتعثرة ماليا للمؤسسات المالية الاثنين تشمل خفض الأجور والتخلص من مصانعها في الخارج وأحد فروعها وأسهمها في شركة توشيبا كما سيتم دمج 4 شركات بيع محلية. وتأمل شارب في العودة لتحقيق أرباح العام المالي المقبل الذي يبدأ أبريل 2013 وكانت الشركة قد تكبدت خسائر بقيمة 376.1 مليار ين خلال العام الماضي حتى مارس بسبب ارتفاع قيمة العملة المحلية، الينّ، وتراجع المبيعات .
وقبل عامين أعلنت شركة سوني توقع صافي خسائر 3.2 مليارات دولار، أرجعتها إلى حدوث زلزال اليابان والأزمة المالية العالمية. وفي أول أبريل الحالي أعلنت أنها ستدمج مركزي عملها في اليابان وآسيا في مقرٍ واحد من أجل توفير خسائر الشركة، لكن الشركة تأخرت في دخول أسواقٍ كبيرةٍ مثل الجوالات والأجهزة اللوحية، وتشهد تراجعًا في مبيعات الأجهزة المحمولة
وقبل أسبوع واحد قالت باناسونيك اليابانية على لسان رئيسها كازوهيرو تسوجا، خلال مؤتمر صحفي في طوكيو، أنها تنوي تنفيذ خطة لإعادة الهيكلة تهدف إلى تعزيز أنشطة الشركة في قطاعي السيارات والإسكان مع تقليص أعمالها في الإلكترونيات في إطار خطة متوسطة الأجل .
وكما حدث في سوني وشارب، تلقت تلفزيون باناسونيك منافسة كورية شرسة استطاعت انتزاع حصة سوقية بمنتجات عالية الجودة وأقل تكلفة. وتتعرض باناسونيك، التي من المنتظر أن تعلن خسارة صافية للعام الثاني على التوالي، لضغوط للتخلص من أنشطتها الضعيفة، وتقليص العمالة التي ما زالت تزيد على 300 ألف عامل بالرغم من إلغاء أكثر من 40 ألف وظيفة في العامين الماضيين. ومنذ أن بلغت مبيعات الشركة ذروتها عند 97 مليار دولار في 2007 تقلصت بنسبة 20%، بلغ صافي الخسائر المتراكمة للشركة نحو 13 مليار دولار.