الأحد، 17 فبراير 2013

دير شبيجل: الجزيرة فقدت سمعتها كوسيلة إعلامية مستقلة

قالت مجلة دير شبيجل الألمانية فى افتتاحيتها على موقعها الدولى إن قناة الجزيرة الإخبارية القطرية، فقدت سمعتها كوسيلة إعلامية مستقلة ومحايدة تتميز بالاستقلالية والحيادية في الفترة التي تلت أحداث ثورات الربيع العربي.
ولعقد من الزمان اكتسبت الجزيرة احترامًا ارتكز على أنها الصوت المستقل الوحيد في الشرق الأوسط، في منطقة من العالم تخضع فيها وسائل الإعلام لسيطرة الرقابة، غير أنها في العامين الأخيرين فقدت كثيرًا من وزنها المهني، وغادرها كبار صحفييها لشعورهم بتبنيها أجندة سياسية واضحة.
وأضافت المجلة، أن الصحفيين كانوا يفتخرون بعملهم فى الجزيرة، حتى أن مراسلها السابق في ألمانيا أكثم سليمان، كان يضبط ساعته على توقيت الدوحة وهو في برلين، وقبل عام ونصف أعاد سليمان ضبط ساعته إلى توقيت برلين، لشعوره بأنه لم يعد بإمكانه أن يعمل كصحفي محايد مستقل. وفي النهاية انضم سليمان لعدد كبير من الصحفيين تركوا الجزيرة معلقا: "قبل الربيع العربي كنا نمثل صوت التغيير وأداة للنقد ومنبرًا للنشطاء السياسيين في المنطقة، لكن القناة تحولت الآن إلى آلة دعاية"، ولم يكن الوحيد، فالشبكة الإعلامية القطرية تعاني من هجرة جماعية لطاقمها الأساسي، بالإضافة إلى هجر مراسليها في عواصم كبرى مثل باريس ولندن وموسكو وبيروت والقاهرة.

وأضافت المجلة: "الواقع إن البرمجة العربية للجزيرة بدأت عام 1996 بهدف نبيل هو إيجاد وسط إعلامى يتصف بالموضوعية فى مناخ يرزح تحت الرقابة، وأثارت الرسائل التى أذاعتها لزعيم القاعدة أسامة بن لادن غضبا أمريكيا التى اعتبرت الجزيرة "شبكة إرهابية"، فى الوقت نفسه كانت القناة العربية الوحيدة التى استضافت سياسيين إسرائيليين للنقاش، ولم يتردد مراسلوها فى نعت الرئيس العراقى السابق صدام حسين بالديكتاتور، ووصف الرئيس المصرى السابق بالتخاذل، كما نشرت تقارير عن أعضاء تنظيم الإخوان المسلمين الذين كانوا رهن الحبس أيام مبارك، ومثل هذه الأعمال التى اتصفت بالشجاعة والمعلوماتية هى التى أكسبت الجزيرة سمعتها. ولكن منذ انطلاق الربيع العربى ووصول المعارضين القدامى إلى الحكم مالت الجزيرة إلى الحكام الجدد ومالأتهم دون أى إحساس بالخجل، رغم عدم احترام هؤلاء الحكام لمبادئ الديمقراطية.

والآن عندما يتظاهر المصريون ضد الرئيس مرسى وحكم الإخوان المسلمين تنتقدهم الجزيرة بنفس طريقة الإعلام القديم الموالى للنظام. وعلى العكس، كما يقول مراسلها السابق سليمان، فإن مديرى القناة يعطون تعليماتهم بإظهار قررات الرئيس باعتبارها "لآلىء من الحكمة"، ومثل هذا التوجه الدكتاتورى لم يكن محل تفكير من قبل، وكما يقول المراسل "لقد أصبحنا إعلام القصر الرئاسى بالنسبة لمرسى، وهو أمر مستغرب بالنسبة لقناة زينت جدرانها ونوافذها بعبارات لمفكرين أحرار مثل بوب ديلان والمهاتما غاندى
وقالت المجلة الألمانية إن بنية الشبكة الضخمة التي تضم 3 آلاف موظف و65 مكتب حول العالم وتصل 50 مليون منزلا عربيا، واستثمارها 500 مليون دولار للوصول إلى المشاهد الأمريكى، لم يمنع انتقادها لاتباعها أجندة سياسية محددة وعدم التزامها بمبادئ العمل الصحفي كالاستقلالية والحيادية. وتقول المجلة إن مثل هذه الاتهامات قد وجهت إلى محطات غربية أيضا، لكنها تضع الجزيرة فى صف الإعلام غير المحايد مثل قناة فوكس التى تعمل وفق أجندة تتبع روبرت ميردوخ عراب الإعلام المحافظ فى الولايات المتحدة.
وأكدت "دير شبيجل" أنه رغم استفسارات المجلة العديدة لم ترد الجزيرة على أى من تلك الاتهامات، التى تأتى فى وقت غير مناسب إطلاقا للجزيرة التى تسعى إلى تثبيت وجودها فى الولايات المتحدة، ويقول أستاذ الصحافة بجامعة جنوب كاليفورنيا فيليب صائب إن الجزيرة تواجه منافسة قوية من القنوات العربية فى المنطقة ولذلك قررت البحث عن أرضية جديدة فى أمريكا. وعلى أى حال فإن هذا الاستثمار الضخم لا يمكن أن يأتى بثماره إلا مع إعلام قمة فى المهنية والموضوعية والحياد، لكن مستقبل القناة يبقى مرهونا بشعبيتها وهى الآن بعيدة عما ادعته سابقا بأنها "صوت من لا صوت لهم"