السبت، 22 ديسمبر 2012

الإسكندرية: حرب شوارع تنتهى بانسحاب الإخوان والسلفيين

عاودت اشتباكات الإسكندرية عنفها بعد عصر اليوم بين مؤيدى ومعارضى الرئيس محمد مرسى حيث حاصر شباب المدينة مجموعات تابعة لجماعة الإخوان والسلفيين من أتباع الشيخ حازم أبو اسماعيل المؤيدة للرئيس ، وقاموا بحرق الأتوبيسات التى جلبتهم إلى المدينة من محافظات أخرى صباح اليوم ، وتحولت منطقة وسط الإسكندرية إلى حرب شوارع بين تيارات الإسلام السياسى وأبناء المدينة بدأت بمحيط مسجد القائد إبراهيم ، 
ونشبت أعمال عنف قوية قام خلالها المتظاهرون الإسلاميون بحرق سيارات تابعة للأمن وقام المعارضون بحرق 8 أتوبيسات تابعة لجماعة الإخوان وحركة حازمون، كانت تحتوى على أسلحة وعصى ومؤن غذائية. وامتدت الاشتباكات إلى أماكن أخرى منها ميدان الخرطوم بجوار كلية الطب ، وتراشق المتظاهرون بالحجارة وزجاجات المولوتوف كما سمعت أصوات أعيرة نارية ، ووصلت أعداد المصابين حسب المتحدث الرسمى لوزارة الصحة إلى 77 مصابا. 
 
وكان الآلاف من أنصار الرئيس قد توجهوا صباح اليوم الجمعة إلى الإسكندرية فى مظاهرة "مليونية" لاستعراض القوة ، وتضامنا مع الشيخ "المحلاوى" خطيب مسجد القائد إبراهيم الذى قام بالدعوة للاستفتاء بـ"نعم" على الدستور فى خطبة الجمعة الماضية. يذكر أن بعض شباب المدينة قد تعرضوا للاعتداء والاحتجاز داخل المسجد الأسبوع الماضى من قبل جماعات الإخوان والسلفيين ، مما أثار الجموع خارجه فقاموا بمحاصرة المسجد واحتجاز الشيخ رهينة لعدة ساعات إلى أن تم إطلاق سراح المحتجزين وقامت قوات الأمن بتأمين خروج الشيخ وسط المتظاهرين المعارضين لاستخدام المساجد والمنابر فى السياسة مطلقين دعوة "إن المساجد لله فلا تدعو مع الله أحدا".
وإزاء التهديد باستخدام العنف عبر تصريحات أطلقها بعض المشايخ ورموز جماعة الإخوان أعلنت بعض القوى المدنية فى المدينة أنها ستؤثر عدم المواجهة وستترك ساحة المسجد يوم الجمعة لجماعات الإسلام السياسى حقنا للدماء ، لكن يبدو أن التهديد الذى أطلقه "الشيخ عبد الله بدر"، المحكوم حديثا فى قضية سب وقذف، من التهديد بـ"المشى على جثث المعارضين وجعلهم "يسكنون باطن الأرض لا ظهرها" مما أثار أهالى الإسكندرية خاصة الشباب الذين أطلقوا بدورهم دعوات للتحدى على صفحات مواقع التواصل الاجتماعى بأن "أبناء الإسكندرية قادرون على الدفاع عنها" وأنهم "سيلقنون القادمين درسا لن ينسوه". وقد أنكرت إدارة الأزهر انتماء الشيخ إليه وأكدت عدم حصوله على أى شهادات من الأزهر رغم لقب "دكتور" الذى يظهر به فى الفضائيات.
وكانت أنباء قد تواردت أمس الخميس عن اعتزام أهالى الإسكندرية قطع الطرق المؤدية للمدينة صباح الجمعة لمنع أتوبيسات الجماعات الدينية من الدخول للمدينة ، لكن سير الأحداث أظهر أنه سمح لهم بالدخول ثم تم حصارهم وحرق الأتوبيسات لاحقا ، مما يشير إلى وجود "خطة مواجهة" تم بواسطتها إحكام الفخ بحيث تتم السيطرة على الجماعات المقدر عددهم بالآلاف ، وقد حاولت قوات الأمن الفصل بين المتظاهرين وتفريقهم باستخدام قنابل الغاز ، لكن مع حلول وقت المغرب تم حرق الأتوبيسات ومحاصرة الجماعات القادمة من خارج المدينة ورشقهم بالحجارة ، وطردهم خارج المدينة، وظهرت على موقع تويتر استغاثات من السلفيين واتهامات لجماعة الإخوان بأنهم قد انسحبوا من الميدان وتركوهم فريسة للثوار ، كما ظهرت على صفحات الفيسبوك وتويتر تهانى وإشادات "بأبطال اسكندرية" و"أبنائها الشرفاء" مما ينبئ بأن "المعركة" قد انتهت بهزيمة الإخوان والسلفيين
لكن السؤال الأكبر يبقى "هل مصر على أبواب حرب أهلية"؟ ومن المسئول عن هذا الانقسام الشديد بين أبناء الوطن الواحد؟ حقا إنها حالة لم تشهدها مصر فى تاريخها الطويل ، والمصريون معروفون طوال تاريخهم ليس فقط بالانسجام المجتمعى بينهم بل بتعاطفهم وترحيبهم الشديد بالغرباء والأجانب ، كيف حدث هذا التحول؟ ولمصلحة من يحدث؟ وكيف انساق المصريون إلى هذا المنحدر الخطير وهم على بعد عامين فقط من التلاحم الملهم والتعاون الإنسانى الرائع الذى شهد به وله العالم أجمع فى ثورة يناير ضد الدكتاتور السابق حسنى مبارك؟
صحيح أنه كانت هناك بعض الاختلافات فى التوجه والأسلوب بين القوى السياسية والمجتمعية فى مصر لكن هذا كان ينظر إليه كظاهرة صحية فى ظل آمال الديمقراطية التى تتطلع إليها مصر بعد عصور طويلة من الاستبداد ، ولم تظهر ظاهرة العنف الجماعى السافر إلا فى "موقعة الاتحادية" التى أرسلت فيها جماعة الإخوان أعضاءها لفض مظاهرات المحتجين بالقوة ، فى ظل غياب أمنى واضح، وهى المظاهرات التى أعقبت بيان الرئيس "الدستورى" الذى منح نفسه فيه صلاحيات مطلقة تضعه فوق القانون والدستور و"أن يفعل ما يشاء" معيدا لنفوس المصريين ذلك الإحساس البغيض بسيطرة الحاكم المطلقة وهو ما ثاروا ضده آملين وضع نهاية له للأبد