تتعرض آثار مصر الفرعونية إلى كثير من اعتداءات الأفراد والعصابات فى غياب واضح للحماية الرسمية من الدولة أمنيا وثقافيا وإعلاميا. وآخر فصول الاعتداء على الآثار بدأ عندما قرر أهالي قرية دهشور الاستيلاء على المنطقة الأثرية المحيطة في وادي سنِفرو (والد الملك خوفو بانى الهرم الأكبر) والتى تحتوى على آثار يقدر عمرها بنحو 4500 عاما ، لاستخدامها كمقابر لموتاهم ودفعت الواقعة كثيرين إلى اتهام حكام مصر الجدد بالتقاعس أمام خطر اندثار كنوز أعرق الحضارات وأن الأرض التي اختارها أهل دهشور لدفن موتاهم ليست رهن تصرف أشخاص بسبب غناها بالآثار المصرية.
صحراء دهشور المجاورة للأهرام يتم اغتصابها لبناء مدافن
وترجع أهمية المنطقة وضرورة اكتشاف ما فيها إلى انتمائها إلى عصر ما قبل خوفو، وهو العصر الذى لم تكتشف أسراره بعد، فقد توقف آخر تسجيل للنشاط الحضارى فى مصر الفرعونية حتى عصر بناة الأهرام فى الدولة القديمة (خوفو - خفرع - منقرع) ، والذى عكس وجود علوم متقدمة للغاية فى ذلك الزمان المبكر من عمر البشرية مثل الهندسة والفلك والفيزياء والكيمياء والرياضيات التى استخدمها المصريون القدماء فى بناء عمارتهم ، وتقول أبحاث عديدة أنه لا يمكن أن تبدأ حضارة عظيمة مثل حضارة بناة الأهرام هكذا فجأة ودون أية مقدمات تاريخية تتصل بكيفيات التوصل التدريجى إلى هذه العلوم التى تحير البشرية حتى الآن، ويشترك معظم هذه الأبحاث فى الإشارة إلى أن الحضارة العلمية بدأت فى مصر على الأقل قبل 10 آلاف عام.
المقابر الجديدة هل هى ستار لعمليات استيلاء على كنوز الآثار تحتها؟
أما أهالي القرية، فيقولون إنهم طلبوا من الجهات المسئولة منحهم مساحة لدفن موتاهم، لكنهم لم يجدوا لها ردا فقرروا اختيار أماكن لموتاهم بأنفسهم، ووقع اختيارهم على هذه الأرض وبناءها ، كما يدعون أنها مجرد صحراء خالية ليس بها أى آثار. وعلى خلفية أعمال التنقيب غير المرخص عن الآثار التى تهدف أساسا إلى سرقتها ثم تهريبها عن طريق عصابات منظمة لبيعها فى خارج البلاد بأثمان خيالية ، يخشى أن يقوم الأهالى بعد تحويل المنطقة الأثرية إلى منطقة مدافن خاصة بالقيام بالتنقيب تحت هذا الستار فى أمان تام وبعيدا عن أى مراقبة لسرقة ما قد يكتشفونه تحت الأرض، بالإضافة إلى أن تحويل المنطقة إلى مقابر خاصة قد يصعد من مقاومة الأهالى للتنقيب الرسمى تحت دعوى حرمة النبش فى مقابر ذويهم، مما يؤدى إلى إيقاف أعمال التنقيب العلمى عن الآثار فى المنطقة للأبد
أهرام الجيزة
والواقع أن الاعتداء على آثار مصر وتاريخها حالة مستمرة منذ عشرات السنين، لكنها أصبحت الآن أسوأ بكثير، فمصر تعانى من حالة انفلات أمني منذ اندلاع الثورة الشعبية عام 2011 لم يوضع لها حد حتى الآن، ويقول مسئولو الآثار إن تجاهل حكام مصر الجدد للاعتداء على آثار البلد وحضارته العريقة، زاد من التطاول على تاريخ مصر فى الآونة الأخيرة إلى حد مطالبة بعض المتطرفين بهدم الأهرامات، رغم تأكيد وزارة الآثار اتخاذها جميع الإجراءات القانونية لإزالة الاعتداءات على أرض الآثار بالمنطقة.