الاثنين، 17 ديسمبر 2012

إيكونوميست: الدستور المصرى عودة لعهد مبارك

المصرى اليوم/ قالت مجلة "إيكونوميست" البريطانية إن تمرير الدستور الجديد لمصر سيكون بمثابة "خطوة للوراء للعودة إلى عهد مبارك"، مضيفة أنه نادرًا ما تتعرض أمة لاختبار صعب في فترة استقطاب كالتي تمر بها مصر الآن.
وأوضحت أن تجربة تصويت المصريين على الدستور ليست "مبهجة ديمقراطيًا"، فقد شهدت مصر مسيرات مؤيدة ومعارضة للرئيس محمد مرسي واشتباكات عنيفة وطائفية شديدة ما يعني أن نتيجة الاستفتاء أيًا كانت ستترك الكثير من المصريين غاضبين ويشعرون بالمرارة العميقة، كل هذا التوتر السياسي وسط حالة اقتصادية سيئة.
وأشارت المجلة البريطانية إلى أن الرئيس مرسي محاصر بين تعزيز مكانه بالإسراع في التصويت على الدستور وبين الموعد النهائي للقرض المقرر من صندوق النقد الدولي لإنقاذ الوضع الاقتصادي المتردي، موضحة أن مرسي "قوّض الثقة في الاقتصاد المصري بالإعلان فجأة، والتراجع فجأة، عن حزمة من زيادات الضرائب الكاسحة".
ورأت "إيكونوميست" أن المصريين إذا وافقوا على الدستور الجديد، فإن مصر ستصبح مختلفة تمامًا، واصفة مسودة الدستور الجديدة بأنها "لا تختلف كثيرًا عن الدستور الذي استمر حتى سقوط نظام مبارك"، فهو يرسخ للسلطات الرئاسية ولدولة طاغية لها مجلسين تشريعيين منتخبين وقضاء مستقل، وبالدستور أيضا مواد تتعلق كما سبق بالحريات المدنية والحقوق الشخصية والقيم الأسرية والهوية القومية، لكن ما يختلف فيه هو التفاصيل "التي يمكن أن تمنح جماعة مرسي، الإخوان المسلمين، قبضة على السلطة لا تختلف كثيرًا عما كان مبارك يتمتع به".
وذكرت المجلة أن بعض الأجزاء من الدستور قدمت ضمانات مطورة، منها المادة التي تعارض الاحتجاز العشوائي، لكن بعض الأجزاء الأخرى غامضة أو متناقضة، على سبيل المثال المادة المتعلقة بحرية تكوين العمال لنقابات، بينما تمنعهم مادة أخرى من الاشتراك في أكثر من نقابة بالنسبة للمهنة الواحدة.
وأضافت أن كثيرا من المواد تترك الشؤون المحورية للقانون لتعريفها، كما أن الدستور لا يوضح ما إذا كان سيتم انتخاب المحافظين أو تعيينهم مركزيًا كما كان يحدث في العهد الديكتاتوري، وعلى العكس من ذلك، تأتي المواد التي تمنح الجيش دورًا مميزًا واضحة بشكل مزعج، فالجيش الذي يرأسه وزير الدفاع الذي يجب أن يكون من أفراد القوات المسلحة يتحكم في ميزانيته الخاصة وعملياته كما يتمتع بالحق في اعتقال ومحاكمة المدنيين، أما مجلس الشورى، الذي يسيطر عليه الإسلاميين بأغلبية 83% فهو الذي سيحل محل مجلس الشعب المنحل في التشريع بالكامل حتى إعادة انتخابه بعد تمرير الدستور.
وقالت "إيكونوميست" إن الأهم من الأخطاء المتعددة في الدستور هو السياق الذي قدم فيه، فعندما وصل مرسي للرئاسة بهامش أصوات ضئيل، أظهر نوعًا من سعة الصدر بتعيين حكومة معظمها من الوزراء التكنوقراط وليس الإخوان المسلمين، وهلل له المصريون في أغسطس عندما أطاح بالجنرالات المستبدين الذين حكموا مصر بعد الثورة، لكنه أثبت بعد ذلك أنه لا يقل استبدادية، أما الإخوان فاجتاحوا مؤسسات الدولة وحاولوا تشكيل إعلام الدولة حسب رسالتهم، وتجاهل مرسي المطالب التي دعت إلى أن تشمل الجمعية التأسيسية المنوط بها كتابة الدستور فئات أكثر من الشعب وتجاهل استقالة معظم أعضاء الجمعية من غير الإسلاميين وأسرع في الموافقة على المسودة بعد جلسة عجيبة استمرت طوال الليل ثم وضع موعدًا قريبًا للاستفتاء على الدستور والموافقة عليه.
ولفتت إلى التظاهرات التي انتشرت في شوارع مصر لمعارضة مرسي، وكان في المقابل أن قام مؤيدو مرسي بحصار المحكمة الدستورية العليا ومدينة الانتاج الإعلامي التي تبث منها معظم وسائل الإعلام المستقلة.