الأحد، 17 فبراير 2013

تعامد الشمس علي أبو سمبل الجمعة 22 فبراير

يحتفل كثيرون من أنحاء العالم فى مصر كل عام بتعامد الشمس على معبد أبو سمبل جنوب أسوان، وهى ظاهرة فلكية فريدة، تدل على تقدم بالغ عند المصريين القدماء فى علوم الهندسة والفلك والجغرافيا، وتطبيقات تلك العلوم فى الحياة العامة، حيث كانوا على علم تام بظواهر الشروق والغروب، واستخدموا مواقيت السنة الشمسية فى حساباتهم بدقة عالية . 
ويقدم إلى مصر آلاف السياح كل عام لمشاهدة هذه الظاهرة النادرة، كما تواصل مؤسسة جوجل منذ عدة سنوات احتفاءها بهذه المناسبة فى مواعيدها كل عام على صفحتها الرئيسية على الإنترنت مشاركة برسومات خاصة بها. أنشىء معبد أبو سمبل قبل 3250 عاما نحتا في صخر الجبل فى الفترة بين 1279 و1213 قبل الميلاد بتكليف من الملك رمسيس الثاني، ويقع على بعد 275 كيلومتر جنوب أسوان، وبنى المعبد بحيث تشرق الشمس على وجه الملك مرتين فى العام فى يومين يوافقان يوم ميلاد الملك ويوم تتويجه
معبد أبو سمبل
كيف يتحقق تعامد الشمس
لحوالى 3250 عام ظلت تتكرر ظاهرة تعامد الشمس على تمثال رمسيس في معبد أبو سمبل بانتظام في نفس الساعة والدقيقة مرتين كل عام مع شروق الشمس فى 21 فبراير، و 21 أكتوبر، الأولى فى الساعة 6.25 ، والثانية فى الساعة 5.55 حيث تسقط أشعة الشمس عبر ممر طويل إلى حجرة تعرف باسم “قدس الاقداس” خلف الواجهة بنحو 60 مترا، تضم أربعة تماثيل لتضيء منها وجه الفرعون رمسيس الثاني وتمثالين مجاورين هما "رع حور"، أخت إله الشمس عند المصريين القدماء، و "آمون" إله طيبة عاصمة مصر القديمة، بينما يظل التمثال الرابع للإله "بتاح" الذي يمثل آلهة العالم السفلي مظلما لا تصل اليه أشعة الشمس، رمزا إلى انتمائه إلى العالم السفلي المظلم. 
معبد أبو سمبل على ضفاف النيل
مشروع اليونسكو لنقل معبد أبو سمبل
لكن هناك معجزة أخرى حديثة تحققت فى معبد أبو سمبل، ففى عام 1964 تم نقل المعبد بأكمله إلى موقع جديد يبعد 120 مترا ويرتفع 60 مترا عن الموقع الأصلى ، وكان على العلماء والمهدنسين المحافظة على الأبعاد الهندسية للمعبد حتى يحتفظ بخواصه الفلكية النادرة بعد إتمام عملية النقل. وبالفعل تم لهم ذلك ولكن بتغيير طفيف، فقد تغير موعد تعامد الشمس من 21 إلى 22 من فبراير وأكتوبر مع الاحتفاظ بالظاهرة الفريدة كما هى.
معبد أبو سمبل من الداخل
أما قصة نقل المعبد فتعود إلى تعرضه للغرق تحت مياه السد العالى وتعاون هيئة اليونسكو العالمية مع مصر لإنقاذ المعبد الأثرى فى مشروع دولى تضافرت فيه جهود أفضل الخبراء والمهندسين فى العالم، وتكفلت الأمم المتحدة ودول كثيرة بنفقات المشروع الذى تكلف 50 مليون دولار، حيث أنه كان من حق مصر طلب المعونة الدولية لإنقاذ آثار تم تصنيفها عالميا على أنها آثار مشتركة للإنسانية. وتعتبر عملية نقل معبد أبو سمبل أحد أكبر المشاريع الهندسية فى القرن العشرين نظرا لضخامة المشروع والدقة الشديدة المطلوبة لتنفيذه، إذ يبلغ ارتفاع المعبد 33 متراً، ويضم خلف الواجهة والمدخل وراء المدخل أروقة كثيرة تم نحتها فى باطن الجبل، تحتوى على تماثيل ولوحات ورسوم ونقوش باللغة الهيروغليفية على جدرانها، ويبلغ وزنها مجتمعة حوالى 250 ألف طن.
تعامد الشمس على وجه الملك
تعامد الشمس على أبو سمبل - التفسير الفلكي
ويرجع تعامد الشمس على معبد أبى سمبل مرتين في العام إلى حقيقة علمية اكتشفها قدماء المصريين وهى أن الشمس تشرق من محور الشرق تماماً وتغرب فى محور الغرب تماماً في يوم 21 مارس ثم تغير موقع شروقها بنحو ربع درجة يوميا شمالا لتصل إلى نقطة تبعد 23 درجة و 27 دقيقة شمال الشرق في 22 يونيو. ثم تعود إلى محور الشرق تماماً بنفس المعدل في 21 سبتمبر، وبعدها ثم يتغير موقع الشروق الشمس بنفس المعدل أيضا ولكن نحو الجنوب لتصل إلى نقطة مساوية فى البعد جنوب الشرق أى 23 درجة و 27 دقيقة في 22 ديسمبر، ثم تعود مرة أخرى إلى محور الشرق تماماً في 21 مارس.
معبد أبو سمبل على الجنيه المصرى
وتوصل المصريون القدماء إلى اكتشاف أن الشمس تمر على كل نقطة فى الأفق أثناء شروقها وغروبها مرتين كل عام، وأن المسافة الزمنية بينهما تتبع بعد كل نقطة عن محور الشرق. وجاء تعامد الشمس على وجه رمسيس الثاني نتيجة اختيار نقطة في مسار شروق الشمس تتوافق مع يوم ميلاد الملك ويوم تتويجه ثم قاموا ببناء المعبد بحيث تدخل الشمس من فتحة ضيقة فى مسار باتجاه أشعة الشمس لتنعكس على وجه رمسيس الثاني من ناحية الشرق. وجعلت الفتحة ضيقة يكفى قطرها فقط لإخال الضوء ليوم واحد حيث يتغير موقع شروق الشمس فى اليوم التالى بربع درجة مبتعدة عن وجه التمثال.
اكتشاف الظاهرة
تم إعادة اكتشاف هذه الظاهرة عام 1874 حين قام برصدها فريق المستكشفة إميليا إدوارد وتسجيلها في كتاب عام 1899 باسم "ألف ميل على صفحة النيل" جاء فيه: عندما تسقط أشعة الشمس فى الشروق على تماثيل قدس الأقداس تحاط بهالة رائعة تضيف إليها الهيبة والوقار، ولا شك أن هذا الأثر محسوب بدقة عالية تظهر علم الفلك والحساب عند قدماء المصريين، حيث تم توجيه أشعة الشمس بدقة من خلال زاوية معينة تسمح بإضاءة وجوه التماثيل.