ما حدث في مصر خلال السنوات الأربع التي أعقبت ثورة يناير 2011 معروف للجميع، وأهم ما حدث هو تخلص الشعب المصري من نظامين متصارعين على السلطة استغل كل منهما الشعب بطريقته الخاصة ولحسابه الخاص. لكن ربما الأهم مما حدث هو ما لم يحدث، وهو تفكك البلاد وانهيار الدولة المصرية بشكل يشابه انهيارها في بلاد مجاورة كالعراق وسوريا وليبيا واليمن.
كانت هناك قوى خارجية تراهن على خلق الفوضى في مصر، وهي سياسة معلنة دون مواربة منذ سنوات عديدة، وتوقعت مشاهد، إن لم تخطط لها، هي خليط مما حدث في دول عربية أخرى. كانت تلك القوى تتلهف لرؤية سيناريوهات الفوضى تمهيدا للقضاء على الدولة المصرية من الداخل، وهو هدف يخدم إسرائيل في النهاية بينما تتقاطع مصالحها مع السياسة الأمريكية التي تهدف للهيمنة على العالم بأي شكل وبأي ثمن.
1. من المشهد العراقي كانت تتلهف لرؤية المتحف المصري، كنز كنوز العالم الكائن في قلب القاهرة، يسرق وينهب نهارا جهارا كما حدث لنظيره في بغداد، إلى جانب القصور الرئاسية، كدلالة على انعدام النظام والسلطة في البلاد.
2. وكما حدث في أكثر من بلد كانت تتلهف لرؤية المصريين يتقاتلون فيما بينهم وشوارع القاهرة ومدن مصر الأخرى تغرق في بحور من الدماء.
3. ومن المشهد السوري تتمنى انشقاقا في الجيش المصري
4. ومن المشهد الليبي تمركز جماعات مسلحة في أجزاء من البلاد تعلنها إمارات مهما صغر حجمها تكفي للإيذان ببدء تفكك الدولة التاريخية.
لم يحدث أي من هذه المشاهد في مصر، لن نذكر لماذا لم يحدث .. لأن الواقع أبلغ من جميع التصورات والتحليلات.
لكن الشعب المصري استفاد من التجربة، على مرارتها، وحصد نتائج إيجابية لم تكن في الحسبان إلى عهد قريب، وأعاد اكتشاف قدراته الكامنة في تاريخه وفي جيناته
1. القدرة على التغيير
2. القدرة على المواجهة
3. القدرة على فرز القوى وكشف الألاعيب السياسية والأيديولوجية والاجتماعية
4. القدرة على الثبات وقت الخطر والحركة السريعة عند الضرورة
5. العمل من أجل منع تكرار ما حدث بإقرار دستور يؤمن الشعب ضد الدكتاتورية.
وبالإضافة إلى ذلك اكتشف الشعب المصري أهمية الاعتماد على الذات والثقة في تلك القدرات، والتوحد في الجغرافيا والتاريخ والشعور والوجدان، وأصبح يتطلع بشغف نحو مستقبل جديد مليء بالآمال وخالي من الشوائب