أكدت دراسة بريطانية أن مصر التاريخية تحولت من حالة الرعاة المتفرقين إلى حالة الدولة الموحدة ذات الحضارة أسرع كثيرا مما حدث في الحضارات الأخرى.
وأظهرت الدراسة التي استخدمت وسائل حديثة للقياس الزمني مثل الكربون المشع، أنه بينما استغرق هذا التحول في المجتمعات الآسيوية ما بين أربعة إلى خمسة آلاف عام، فإنه على عكس ما يعتقد العلماء، لم يستغرق هذا التحول في مصر سوى ستمائة عام فقط. ودعت الدراسة إلى مزيد من الأبحاث حول ما إذا كانت هناك صيغة معينة في بناء الدولة اتبعتها مصر، ولماذا لم تتبعها مناطق أخرى من العالم.
وتشير الدراسة التي نشرتها مجلة كريستيان ساينس مونيتور إلى أن أول ملوك مصر ظهر في الألفية الرابعة قبل الميلاد، كما يقول الباحث في معمل الأبحاث المعمارية في جامعة أكسفورد "مايكل دي"، وظلت مصر لآلاف السنين الدولة الوحيدة على ظهر الأرض التي تمتعت بمقومات الدولة كما تعرفها الكتب والمراجع، وأهم تلك المقومات هي وجود حدود للدولة، والسيطرة المركزية على كل الأنحاء، ولم ينشأ مثيل لذلك النظام حتى ظهرت الدولة الإغريقية ثم الدولة الرومانية.
وتقول أليس ستيفنسون، الأمينة بمتحف بتري للآثار المصرية إن هذه الدراسة تسمح لنا بتأمل المسارات المختلفة في تاريخ الإنسانية، وأنه في باقي أنحاء العالم كان الانتقال من حياة القرى المبعثرة إلى حياة الدولة يستغرق آلاف السنين من النشاط الزراعي حتى ظهور الملوك والمدن. وتقول د. ستيفنسون إن ما قدمناه هو إطار أساسي، لكنه يطرق أسئلة عديدة حول آليات تكون الدول، وإذا كنا أجبنا على السؤال "متى" فما زال هناك الكثير للبحث عن "كيف" و"لماذا".
وتقول الدراسة إن القياسات القديمة كانت تعتمد على الاسترشاد بعمر المقتنيات الأثرية كالأواني الحجرية والخزف والتي قد يمكن نسبتها إلى بعضها زمنيا لكن لم يمكن تحديد وقت صناعتها الحقيقي، وقد استخدمت الدراسة مائة عينة من مواد عضوية جمعتها من المتاحف منها بعض العظام وبعض الشعر مما عثر عليه في مقابر الملوك.
ويثير الفرق الكبير بين المناطق المتجاورة في العالم رغبة الباحثين أكثر في المعرفة، فهم يتوقون إلى معرفة ما الذي حفز المصريين إلى التوحد في شكل دولة بشكل سريع، أو أسباب تأخر غيرهم.