"لا يجب أن نقبل أن تتحكم قلة من الدول فى أمن العالم بامتلاكها القدرة على تدمير الجميع". هكذا بدأ المقال الذى نشرته صحيفة الجارديان البريطانية للكاتب "دزموند توتو" الحاصل على جائزة نوبل للسلام، بمناسبة انعقاد مؤتمر أوسلو لمناقشة "العواقب الإنسانية لاستخدام الأسلحة النووية"، قال فيه "يجب القضاء على الأسلحة النووية من أجل مصلحة العالم أجمع". وأنه "لا يمكننا لوم الآخرين على سوء التصرف بينما نحن نسيء التصرف، كما تفعل بعض القوى الغربية بإلقاء اللوم على كوريا الشمالية لتجاربها النووية، وتحذر من سعي إيران لتخصيب اليورانيوم، هكذا تتصرف وفقا لمنطق يجيز لقلة من الدول التحكم فى أمن العالم بقدرتها على تدمير الجميع".
قنبلة نووية واحدة قادرة على تدمير مدينة عصرية بالكامل
وأضاف الكاتب أنه "من غير المحتمل أن يحقق العالم أي تقدم حقيقى في وقف انتشار هذه الأسلحة الوحشية حتى نتخلص من هذه المعايير المزدوجة ونقبل بمنطق أن الأسلحة النووية خطر كبير بصرف النظر عمن يمتلكها". ويتساءل الكاتب "ما الذى يدعو الدول التي تسعى لامتلاك سلاح نووي لسماع نصائح الولايات المتحدة وروسيا اللتين يحتفظان بالآلاف من الرؤوس النووية الجاهزة للانطلاق؟ وكيف تتوقع بريطانيا وفرنسا والصين تحقيق عدم انتشار الأسلحة النووية وهم ينفقون المليارات على تحديث ترساناتهم النووية، وبأي منطق تطالب إسرائيل إيران بعدم حيازة قنبلة نووية بينما تحتفظ هى بترسانة نووية. ودعا الكاتب قادة القوى النووية بتطبيق نفس المعايير على أنفسهم وعلى الآخرين.
هيروشيما .. أثرا بعد عين .. بعد إلقاء القنبلة النووية عليها عام 1945
واتهم الكاتب الدول النووية بممارسة النفاق فى محادثات نزع السلاح لسنوات طويلة مما أدى إلى فشلها، ويرى أنه يجب ممارسة الضغط الشعبى على الحكومات حتى تتجاوز ذلك السلوك من أجل إبرام معاهدات حقيقية لحظر السلاح النووى قابلة للتطبيق على الجميع، وقال إن هذا ليس مستحيلا لكنه يتطلب نوعا من الثورة في التفكير، وإذا وجدت الإرادة يمكن جعل تلك النظم تغير تفكيرها.
ويضيف الكاتب أنه فى أوائل التسعينات، مع سقوط نظام التمييز العنصرى، فككت جنوب إفريقيا طواعية سلاحها النووى، وكذلك فعلت أوكرانيا وكازاخستان وبيلاروس بعد انفصالها عن الاتحاد السوفييتى، وهناك الآن 184 دولة تلتزم قانونيا بعدم الحصول على سلاح نووى، وليس هناك سوى 9 دول تتخيل أن امتلاكها لأسلحة قادرة على إهلاك البشر يعطيها ميزة تفتخر بها، لكن قتل الملايين دون تمييز يجب إدانته بقوة، ويجب فضح هذه الدول ومحاصرتها دائما بحقيقة أنها لا تمتلك سوى وسائل مهينة للبشرية وغير أخلاقية وما هى إلا عار عليها
وأضاف الكاتب "لعلنا لا ننسى أننا كنا ننظر إلى دعوات حماية البيئة منذ سنوات قلائل على أنها تفكير غريب الأطوار، لكننا نعى اليوم أن أى كارثة بيئية يتكون فوق رؤوسنا جميعا. وقبل ذلك كان بعضنا يبيع ويشترى الآدميين كأنهم قطعان ماشية، ولقد تغير ذلك وعادت البشرية إلى رشدها، كذلك سوف يؤول أمر الأسلحة النووية إلى الزوال عاجلا أو آجلا