السبت، 28 سبتمبر 2013

وفاة "رابعة"

نشرت صحيفة الحياة اللندنية تقريرا يشير إلى "وفاة رابعة" .. الحدث والرمز. وعن ذلك الشعار الذي رفعه أصدقاء "رابعة" بعد فض الاعتصام يقول التقرير:
رغم الأجواء الرافضة لهم ولتصرفاتهم وأحياناً لوجودهم، منهم من يشعره بأنه فوق الآخرين، ومنهم من ينقله إلى عوالم افتراضية لا علاقة لها بأرض الواقع، ومنهم من يرى فيه أمل الأمة وعماد الدين. في البدء أحبوه، ومع تضييق الخناق عليهم عشقوه، وفي ظل تزايد عزلتهم وتضخم تنحيتهم ولعوا به، وأمام لفظ المجتمع لهم تماهوا معه، فصاروا يشكلون معه وحدة واحدة لا يذكر أي منهم أيهم خرج إلى النور أولاً. ولم لا، وهو يشكل لهم طوق النجاة الوحيد بعدما تقطعت سبل الكبار، فحبست القيادات، واهتزت الإدارات والمناطق والشُعَبْ والأسر مما اضطر أعضاءها إلى الاعتماد أفكارهم الشخصية.

في المقابل، تحول لدى الآخرين إلى رمز الانفصال عن الواقع وأس الخراب والطوق الذي يلفه أصحابه حول رقابهم ويمعنون في تضييقه على سبيل الانتحار البطيء. يعتبره بعضهم تخلفاً، ويتعامل معه آخرون باعتباره تلخيصاً لفكر إرهابي إقصائي يعيش خارج إطار الزمن، ويعده آخرون نموذجاً فجاً لانعدام الوطنية وأولوية الانتماء إلى جماعة على حساب الولاء للوطن. وحين يلوح في الأفق، تختلف ردود الفعل، فهناك من يمصمص شفتيه أسفاً على عقول ممحية، أو من يرد بعلامات التنديد، لكن يظل هناك من يرد بعنف مجبراً إياه على الانقشاع، أو يتمتم داعياً لأصحابه بالهداية رغم ما يبدو من استحالة.

إنه الشعار الذي تضخم ليفوق حجم الحدث الذي يرمز إليه في الأصل. وغالب الظن أن مبتدعه نفسه رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان حين رفعه لم يتخيل أنه سيزيح صور محمد مرسي، وينحي لافتات "الشرعية والشريعة"، وأعلام "القاعدة" و"الجهاد" السوداء.

هم أنصار لرئيس فقد بوصلة شرعيته تحت وطأة طائفية جماعته وفشل إدارته وعنجهية منهجه. لكن شعار "رابعة" ملتبس الذات والهوية، ومسبب للمشادات والخناقات بين أنصاره الذين وجدوا في هذه الأصابع ما لم يجدوه على أرض الواقع منذ أعلن المصريون دعمهم لمصر مدنية بهية بديلاً من مصر دينية ذات مرشد ومواطنيها من الإخوة والأخوات. وليست مشاحنات الإخوة والأخوات على "فيسبوك" و "تويتر" في أيام الأسبوع المؤدية إلى أيام الجمع حيث يحاولون لم الشمل إلا تجسيداً لما ينضح به شعار "رابعة" من تناقض يضع "إخوان" مصر في جانب وبقية المصريين على الجانب الآخر. تدوينات تنضح بالتربص، وتعكس قدراً هائلاً من الحنق.

وإذا طالبت "ربعاوية" بتخفيف الشتائم في المسيرات وصب اللعنات على كل من أيد الجيش من الشعب، هوجمت بشدة وعنف، فرافع شعار "رابعة" ينصحها بأن "تلزم بيتها لأن المسيرة اللطيفة لن تعيد شيئا، غير مدرك أن العنف أيضا لن يعيد شيئا. فإذا كانت المسيرات الهادئة لن تنصر الشرعية أو تدعم الشريعة، لكنها على الأقل ستضمن سلمية وسلامة المشاركين. لكن الالتباس يتبدد حين يفهم المرء أن "رابعة" ليست مجرد أصابع أردوغانية سوداء على خلفية صفراء، بل هي قصة جماعة حلمت بمشروعها على حساب وطن، ففشل المشروع وبقي الشعب إلا قليلاً منه رفع أصابع "رابعة".