أعلن الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، اشتراطه احتلال أراضي من سورية مقابل تدخل بلاده لدعم الحرب ضد تنظيم داعش التي بدأها التحالف الدولي. وكان أردوغان قد صرح مؤخرا بأنه يرى منطقة كوباني الحدودية مع سوريا مهددة بالسقوط في أيدي التنظيم، مشيرا إلى ضرورة الحسم البري للمعارك على الأرض حيث لا تكفي الغارات الجوية لوقف تقدم مقاتلي التنظيم. لكنه في نفس الوقت تحدث عن إقامة ما أسماه "منطقة عازلة" داخل الأراضي السورية يتولى إقامتها الجيش التركي بالتوغل داخل الأراضي السورية على طول الشريط الحدودي والتمركز بتلك المناطق. وبرر أردوغان رغبته هذه بأن المنطقة العازلة ستستخدم في إيواء اللاجئين الذين لا يرحب بتواجدهم داخل تركيا.
وطالب الرئيس التركي دول التحالف بالموافقة له على احتلال شريط حدودي داخل سوريا قبل أن يقرر تدخل قوات برية تركية لمواجهة قوات التنظيم ومنع سقوط منطقة كوباني. وبينما سارع الرئيس الفرنسي هولاند لتأييد مطالب أردوغان أعلن أكراد سوريا رفضهم للتدخل التركي ووصف قيادي كردي تدخل تركيا على هذا النحو بأنه احتلال صريح للمنطقة، وتضامن معهم أكراد تركيا الذين نزلوا إلى الشوارع في مظاهرات تندد بامتناع التركي في مجابهة توسع تنظيم داعش وحماية الأكراد، وقع خلالها عشرات القتلى والمصابين إثر اشتباكات مع قوات الأمن التركية في عدة مدن. وتلا ذلك تصريحات مسئولين أمريكيين عبرت عن رفض الولايات المتحدة، حتى الآن، للشروط التركية معلنة أن مسألة إقامة الجيش التركي لمنطقة عازلة داخل سوريا أمر غير مطروح للنقاش.
وتذكر مطالب أردوغان بسياسة المناطق العازلة التي انتهجتها إسرائيل في جنوب لبنان وغزة، وسبق للدولتين التعاون فيما بينهما من أجل تدريب إسرائيلي للجيش التركي على إقامة مناطق عازلة جنوب شرقي تركيا على الحدود مع العراق، كإجراء يسمح بتوغل الجيش التركي داخل الأراضي العراقية لملاحقة عناصر حزب العمال الكردستاني التركي، الذي قاد صراعا مسلحا ضد الدولة التركية وينادي باستقلال مناطق واسعة من تركيا يسكنها أكراد، أو إجابة مطالب كردية تعبر عن حقوق برلمانية وتنفيذية لأكراد تركيا.
وبينما تلوح الحكومة التركية بالاستجابة إلى مطالب الأكراد عن طريق إقرار بعض تلك الحقوق في محاولة لاحتواء المعارضة الكردية فإنها تؤجل كثيرا من تلك المطالب إلى مفاوضات غير محدودة بأجل زمني، وهي المفاوضات التي أنذر الزعيم الكردي المحبوس، أوجلان، بإيقافها إذا لم تتحرك تركيا لحماية الأكراد من خطر التنظيمات المتطرفة. وحتى الآن يصف عديد من المراقبين موقف تركيا بالمتفرج رغم وقوع الاشتباكات على حدودها ونزوح 180 ألف كردي اجتازوا الحدود إلى أراضيها، لكن شروط أردوغان الأخيرة تفسر تردد تركيا في مواجهة هجوم تنظيم داعش وفي تقديم الدعم لقوات التحالف الغربي - العربي ضد التنظيم.
وبذلك تستخدم تركيا سياسة حافة الهاوية لترك الأمور تحتدم بسقوط المدن وتعرض السكان لكوارث إنسانية حتى يسهل عليها اشتراط ما تراه على دول التحالف، وفي نفس الوقت توقع أكراد تركيا تحت ضغط هائل للقبول بالشروط التركية. ومن هذه الشروط، التي عرضت على قيادات الأكراد قبل أيام، التنازل عن مطالبتهم بالحكم الذاتي في المناطق الكردية