تمر اليوم 39 سنة على اندلاع حرب أكتوبر عام 1973 ، الحرب التى أسقطت نظرية الحدود الآمنة الإسرائيلية والمرتكزة على الموانع الجغرافية كأفضل حدود توفر الأمن ، وانتزعت مصر بها قناة السويس وسيناء تحقيقا لمقولة جمال عبد الناصر الشهيرة "إن ما أخذ بالقوة لا يسترد بغير القوة"
وفى نفس اليوم عام 1981 تم اغتيال القائد المنتصر أنور السادات بينما كان يستعرض جنوده فى عرض عسكرى مشهور ، وتم باغتياله إجهاض مشروع التنمية الذى بدأه السادات ولم يستطع أن يكمله خلفه رغم بقائه فى الحكم لثلاثين عاما، ولذلك تراكمت المشاكل على مصر وشعبها ، وغادر كثيرون من أبنائها وطنهم للعمل خارجها
لقد خلق اغتيال السادات جوا من انعدام الثقة على المستوى الدولى جعل أطرافا كثيرة تتردد فى التعاون مع مصر فى أى شيء طالما أن أى برنامج يمكن هدمه فى لحظات كما حدث فى مقتل السادات
حاول مبارك فى بداية حكمه تحديث الاقتصاد المصرى لكنه لم يستطع الحصول على ثقة الاقتصاد العالمى بما يكفى لاستمرار أى شيء ذى قيمة تنموية عالية ، وكان شبح حادث الاغتيال بتفاصيله المؤلمة يلاحقه أينما ذهب ، وعندما يراه القادة والزعماء يتذكرون أنه كان الرجل الذى وقف بجوار السادات يوم قتل ، وتتداعى أمامهم مشاهد حادث المنصة التى شاهدها الجميع على شاشات التليفزيون
وحتى عندما فقد الأمل فى الغرب واتجه إلى الشرق ، روسيا تحديدا ، لم يستطع الحصول منهم على الكثير وهم يذكرون فوق كل هذا إقصاء السادات للخبراء الروس العسكريين فجأة قبل حرب اكتوبر بأشهر قليلة
والواقع أن قتل السادات قد قتل معه مسيرة مصر التى كانت تأمل فى النهوض من جديد بعد التخلص من آثار هزيمة 1967 بانتصار أكتوبر
كان هذا النصر كفيلا بتغيير أشياء كثيرة للأمام ، لكن فى عهد مبارك تراجعت أشياء كثيرة وأصيب الاقتصاد المصرى بعاهات هيكلية جعلت من التقدم الاقتصادى شكلا بغير جوهر وبناء بغير قاعدة ولا أساس ، بل على العكس لجأ مبارك إلى بيع قواعد البلاد الصناعية ومؤسساتها التجارية الكبرى فيما عرف ببرنامج الخصخصة بدعوى إسناد إدارتها للقطاع الخاص وتنمية موارد الدولة ، لكن ذلك أدى إلى فقدان القاعدة الأساسية وتسريح الآلاف ممن انضموا إلى صفوف البطالة
كان هذا النصر كفيلا بتغيير أشياء كثيرة للأمام ، لكن فى عهد مبارك تراجعت أشياء كثيرة وأصيب الاقتصاد المصرى بعاهات هيكلية جعلت من التقدم الاقتصادى شكلا بغير جوهر وبناء بغير قاعدة ولا أساس ، بل على العكس لجأ مبارك إلى بيع قواعد البلاد الصناعية ومؤسساتها التجارية الكبرى فيما عرف ببرنامج الخصخصة بدعوى إسناد إدارتها للقطاع الخاص وتنمية موارد الدولة ، لكن ذلك أدى إلى فقدان القاعدة الأساسية وتسريح الآلاف ممن انضموا إلى صفوف البطالة
ولذلك فإن جريمة قتل السادات ليست جريمة شخصية نفذها أشخاص وقتل فيها آخرون ، لقد كانت عملية اغتيال لوطن بأكمله ، وكما قتل القائد الذى يستحق التكريم قتلت آمال الشعب الذى حارب لينتصر لكرامته
هكذا تأخرت مصر كثيرا ، وزاد من تأخرها عجز مبارك عن القيام بدور القائد السياسى لقصور فى مواهبه ومؤهلاته الشخصية ومن جانب آخر لاستيلاء من التفوا حوله من الانتهازيين على موارد الثروة ومفاصل السلطة فاستشرى الفساد لا يبقى ولا يذر
وعندما ثار الشعب ضد حكم مبارك فى 25 يناير لم يكن فى ذهن المتظاهرين شخص مبارك فقط وإنما كان شعار "الشعب يريد إسقاط النظام" الذى انطلق من حناجر الملايين الثائرة يحمل معه أحلاما كبيرة فى قلوبهم وعقولهم
الناس فى مصر يعلمون أنهم يستحقون أن يحيوا حياة كريمة لأنهم يعلمون أن تاريخهم ملىء بالإنجازات بل بالمعجزات
يعلمون أنهم حققوا النصر فى أكتوبر بفضل تصميمهم على تطوير أنفسهم وأساليب حياتهم ومواجهة أعتى الأعداء
ويعلمون أنهم قبل أكتوبر حققوا معجزات كثيرة، وأنهم قادرون على صنع المستحيل وإبهار العالم دائما
ولذلك ثاروا .. ثاروا حاملين أحلامهم البسيطة والكبيرة فى أذهانهم ، وأرواحهم على كفوفهم لا يأبهون بطشا ولا تهتز أجسادهم
وستظل تلك الثورة الملهمة مصدر إلهام هائل ليس فقط للشعب المصرى بل لكل شعوب العالم التى تحلم بالقضاء على الفساد وبأن تتطهر من داخلها وتحقق حلمها فى الحياة الكريمة دون اضطهاد أو قمع أو تمييز .. والحرية ليست نهاية الطريق .. بل أوله