وصل الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى روسيا في أول زيارة رسمية له بعد توليه الرئاسة، والتقى بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين في مدينة "سوتشي" الروسية على البحر الأسود. وعقد الرئيسان مؤتمرا صحفيا أعلنا فيه التفاهم في القضايا الإقليمية والدولية، خاصة الأوضاع في قطاع غزة وليبيا وسوريا والعراق، فضلا عن مكافحة الإرهاب الدولي وتنمية العلاقات التجارية والاقتصادية، خاصة في في قطاعات الطاقة والسيارات والنقل، والتعاون العلمي والتكنولوجي، ومشروع اتفاقية منطقة تجارة حرة بين مصر والدول الأعضاء في الاتحاد الجمركي، روسيا وبيلاروس وكازاخستان.
وقال الرئيس عبد الفتاح السيسي "إن موسكو والقاهرة اتفقتا على إقامة منطقة صناعية روسية كجزء من مشروع تنمية قناة السويس. وقال الرئيس الروسي إن مصر تناقش إنشاء منطقة للتجارة الحرة مع الاتحاد الجمركي الذي تقوده موسكو والذي يضم أيضا روسيا البيضاء وكازاخستان، وأن مصر مستعدة لزيادة صادراتها من السلع الزراعية إلى روسيا بنسبة 30%، منوها أن روسيا ستزود مصر بما لا يقل عن 5 ملايين طن من القمح هذا العام وستزيد وارداتها من السلع الزراعية المصرية، وأن البلدين اتفقا على تسهيل وصول السلع المصرية إلى السوق الروسية. وكانت روسيا قد قامت بفرض حظر على واردات بعض المنتجات الزراعية والغذائية من الدول الغربية التي فرضت عليها عقوبات بسبب الأزمة الأوكرانية. وأضاف بوتين أن روسيا ومصر اتفقتا على توسيع التعاون في المجالين العسكري التقني والطاقة، وأكد أن بلاده تأمل بزيادة تدفق السياح الروس إلى مصر، كما أعلن أن روسيا تدعم مصر في حربها على الإرهاب، خاصة مع تنامي الخطر الإرهابي في الشرق الأوسط.
وتكتسب زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسى لروسيا أهمية خاصة في ظل الأحداث التي تمر بها المنطقة العربية حاليا، وتوقف تصدير أوروبا العديد من الحاصلات والسلع الزراعية لروسيا عقب أزمة أوكرانيا، وقرار بوتين باستيراد هذه السلع من مصر.
وبدأ التعاون المصري الروسي عام 1948 بتوقيع اتفاقية لمقايضة القطن المصري بحبوب وأخشاب من الاتحاد السوفيتي. وشهدت العلاقات السياسية والاقتصادية والعسكرية تناميا كبيرا بعد ثورة يوليو عام 1952 واستمرت قوية خلال الخمسينات والستينات من القرن العشرين في عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، حيث تمكنت مصر بفضلها من بناء السد العالي والعديد من المصانع الكبرى ومد خطوط الكهرباء وتسليح القوات المسلحة المصرية. ويفتح التقارب الاستراتيجي بين مصر وروسيا صفحة جديدة للتعاون بين البلدين بعد فترة مضطربة من العلاقات ذات الجذور التاريخية ، التي يرجع تاريخها إلى 66 عاما.
وتسعى روسيا إلى إقامة علاقات إستراتيجية بعيدة المدى مع مصر بما يحقق لها عودة قوية لمنطقة الشرق الأوسط، كما أشار الرئيس بوتين قائلا "إن لدى روسيا ومصر آفاقا واعدة للتعاون في مشاريع ضخمة". ويحقق التعاون مع روسيا التوازن السياسي في علاقات مصر مع الدول الكبرى بعد سنوات طويلة من التحالف مع القطب الأمريكي وما تبعه من سلبيات، خاصة في ظل انتماء روسيا إلى مجموعة "بريكس" التي تضم الصين والهند وجنوب إفريقيا، وهي تتحكم في أكثر من ثلث اقتصاد العالم. كما تأمل مصر في مساهمة ايجابية من روسيا في حل مشكلة سد النهضة مع إثيوبيا، وتأمين احتياجات مصر من الطاقة والقمح، وزيادة الاستثمارات الروسية في مصر